طَبَقةً واحِدَةً، كُلَّما أَرادَ أنْ يَسْجُدَ خَرَّ على قَفاهُ، ثمَّ يُضرَبُ الجِسْرُ على جَهَنَّمَ وتَحِلُّ الشَّفَاعةُ، ويقولونَ: اللهمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ، فَيَمُرُّ المُؤْمِنونَ كطَرْفِ العَيْنِ وكالبَرْقِ وكالرِّيحِ وكالطَّيرِ وكأجاوِيدِ الخَيْلِ والرِّكابِ، فناجٍ مُسَلَّمٌ، ومَخدوشٌ مُرْسَلٌ ومَكْدوسٌ في نارِ جَهَنَّمَ، حتَّى إذا خَلَصَ المُؤْمِنونَ مِنَ النَّارِ، فوالَّذي نَفْسي بيدِه ما مِنْ أَحَدٍ منكُمْ بأَشَدَّ مُناشَدَةً في الحَقِّ، وقدْ تبيَّنَ لكُمْ، مِنَ المُؤْمنينَ لله يومَ القِيامةِ لإخْوانِهمُ الذينَ في النَّارِ، يقولونَ: ربنا كانوا يَصومونَ مَعَنا، ويُصْلُّونَ معنا، ويَحُجُّونَ معنا، فيُقالُ لهمْ: أَخْرِجُوا مَنْ عَرفْتُمْ، فتُحَرَّمُ صُوَرُهُمْ على النَّارِ، فيُخرِجونَ خَلْقًا كثيرًا ثُمَّ يقولونَ: ربنا ما بقيَ فيها أَحَدٌ مِمَّنْ أمَرْتَنا بهِ، فيقولُ: اِرجِعُوا فمَنْ وَجَدْتُمْ في قلبهِ مِثْقالَ دِينارٍ منْ خَيْرٍ فأخْرِجوهُ، فيُخْرِجونَ خَلْقًا كثيرًا، ثُمَّ يقولُ: اِرجِعُوا فمَنْ وَجَدتُمْ في قلبهِ مِثقالَ نِصْفِ دِينارٍ منْ خَيْرٍ فأَخْرِجُوهُ، فيُخْرِجونَ خَلْقًا كثيرًا، ثُمَّ يقولُ: اِرجِعُوا فمَنْ وَجَدْتُمْ في قلبهِ مِثقالَ ذرَّةٍ منْ خَيْرٍ فأَخْرِجُوهُ، فيُخرِجونَ خَلْقًا كثيرًا، ثمَّ يقولونَ: ربنا لمْ نَذَرْ فيها خَيْرًا، فيقولُ الله شَفَعَت الملائِكةُ، وشَفعَ النبيُّونَ، وشَفَعَ المُؤْمِنونَ، ولمْ يَبقَ إلَّا أَرْحَمُ الرَّاحِمينَ، فيَقْبضُ قَبْضَةً مِنَ النارِ، فَيُخْرِجُ مِنْها قَوْمًا لم يَعْمَلوا خَيْرًا قَطُّ قَدْ عَادُوا حُمَمًا، فَيُلْقِيهِمْ في نَهْرٍ في أَفْوَاهِ الجَنَّةِ يُقالُ لهُ: نهرُ الحياةِ، فيَخْرُجُونَ كما تَخْرُجُ الحِبَّةُ في حَمِيلِ السَّيْلِ، فيَخرُجونَ كاللُّؤْلؤِ في رِقابهِمُ الخَواتِمُ، فيقولُ أهلُ الجنَّةِ: هؤلاءِ عُتَقاءُ الرَّحْمنِ، أَدْخَلَهُمُ الجنَّةَ بغيرِ عَمل عَمِلُوهُ، ولا خَيرٍ قَدَّموهُ، فيُقالُ لهمْ: لكُمْ ما رأَيْتُمْ ومِثلُهُ مَعَهُ".
قوله: "والأنصاب"، (الأنصاب) جمع: نُصُب، وهو حجارة كانت تُنصَب وتُعبَد من دون الله تعالى، أو يذبحون عليها تقرُّبًا إلى آلهتهم، وكيف كان وكلُّ ما نُصِبَ وعُبدَ من دون الله تعالى، أو اعتُقد تعظيمُه فهو النُّصُب.