وقال الخطَّابي أيضًا: يريد أنَّ ذلك الحَملَ قد يكون من زوجِها المُشرِكِ، فلا يحلُّ له استلحاقُه وتوريثُه، وقد يكون منه إذا وطِئها بأن تنفُشَ ما كان في الظاهر حَملًا، وتَعلَقَ من وطئه، ولا يجوز له نفيُه واستخدامُه، وفي هذا دليلٌ على أنه لا يجوز استرقاقُ الولد بعد الوطء إذا كان وضعُ الحَمل بعدَه بمدةٍ تبلغ أدنى مدة الحَمل، وهي ستةُ أشهر؛ يعني: إذا وضعَت الحَملَ بعدَما مضى من حين الوطء ستةُ أشهرٍ فصاعدًا، لم يجزْ له استرقاقُ ذلك الولد.
* * *
مِنَ الحِسَان:
٢٤٩٤ - عن أبي سعيدٍ الخُدريِّ - رضي الله عنه -، رفَعَه إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: قال في سبايا أوْطاسٍ: "لا تُوطَأُ حاملٌ حتى تَضَعَ، ولا غيرُ ذاتِ حَملٍ حتى تَحيضَ حَيْضةً".
قوله في سَبَايا أَوطَاس:"لا تُوطَأ حاملٌ حتى تضعَ، ولا غيرُ ذات حملٍ حتى تحيضَ حَيضةً"، (السَّبَايا): جمع سَبيَّة بمعنى: مَسبيَّة، وهي امرأةٌ كافرةٌ أسيرةٌ, و (أَوطَاس): موضعٌ، (لا تُوطَأ): خبرٌ بمعنى النهي؛ يعني: لا تُجامعوا مَسبيَّةً حاملًا حتى تضعَ حملَها، ولا حائلًا ذاتَ قُرُوءٍ حتى تحيضَ حَيضةً كاملةً، وإن كانت لا تحيضُ لصغرها أو كبرها، فاستبراؤها يحصل بشهرٍ واحدٍ أو بثلاثةِ أشهرٍ، فيه قولانِ، أصحُّهما الأولُ.
قال الخطَّابي: فيه من الفقه: أنَّ السَّبيَ يَنقض المُلكَ المتقدمَ، ويَفسخُ النكاحَ، وفيه دليلٌ على أنَّ استحداثَ المُلك يُوجِب الاستِبراءَ في الإمَاء؛ فلا تُوطَأ ثيبٌ ولا عذراءُ حتى تُستبرَئَ بحيضةٍ، ويدخل في ذلك المُكاتِبةُ إذا عجزت، فعادت إلى المُلك المُطلَق، وكذلك مَن رجعت إلى مُلكه بإقالةٍ بعد البيع، وسواءٌ كانت الأَمَةُ مُشترَاةً من رجلٍ أو امرأةٍ؛ لأنَّ العمومَ يأتي على ذلك أجمع.