للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمقتص لم ينتفع بالقتل، ولا وفر به نفساً.

سحنون: وروي أن ولي الدم خير إن شاء اتبع الشاهدين، إن اختار ذلك لم يكن له التحول عنهما إل لعدمهما؛ لأنه إن أخذ ذلك منهما رجعا به على الولي، وإن اختار تضمين القاتل؛ فليس له التحول عنه إلى الشاهدين أعدم أو لم يعدم، وإن ودى القاتل إلى الولي لم يكن له رجوع على الشاهدين، وقد روي أنه لا يرجع على الولي بشيء؛ لأن ظهور المحكوم بقتله حياً أبطل الحم، والولي إنما أخذ ما أعطاه الشاهدان على أنهما صدقا عنده، والذي أخذ قصاص لا ثمن فيه، وعلى الشاهدين غرم الدية؛ لأنهما اللذان أتلفا ذلك.

قلت: فحاصله إن قدم من اقتص بقتله ببينة حياً ففي تغيير رجوع ولي من قتل به على الشاهدين عليه بديته في أموالهم إن كانا مليئين؛ وإلا فعلى المقتص، وتخييره في ذلك، وفي رجوعه على المقتص، ثالثها: لا جوع على المقتص بشيء مطلقاً.

لمحمد عن ابن القاسم قائلاً: إن تعمدا ذلك، وإن شبه فالدية على عاقلتهما مع أصبغ وابن سحنون عن أبيه غير قائل ذلك، ونقليه بلفظي، وروي على الأول إن غرم المقتص لعدم الشاهدين لم يرجع عليهما بما غرمه، وعلى الثاني إن اختار إتباع الشاهدين فليس له التحول إل المقتص إلا لعدمهما؛ لأنهما إن غرما رجعا عليه لما غرماه، وإن اختار إتباع المقتص فليس له التحول إلى الشاهدين، ولو كان عديما؛ لأنه إن غرم لم يتبع الشاهدين بما غرم.

قال ابن عبد السلام: والظاهر تخيير المستحق في أخذ الدية ممن شاء، وأخذ البعض من الشهود والبعض من القاتل.

قلت: فيما قاله نظر؛ لأنهما إن تساويا في موجب الغرم لم تجز تعيين أحدهما له دون الآخر؛ فيبطل التخيير، وإن لم يتساويا؛ لانفراد كل منهما بمعنى يناسب الغرم دون صاحبه أمكن التخيير في ترجيح ما اختص به أحدهما على ما اختص به الآخر في إيجاب الغرم؛ لأن البينة اختصت بالعداء، ولم تباشر الإتلاف، والمقتص اختص بالمباشرة دون العداء، وإغرام كل منهما ملزوم لترجيح كل منهما على الآخر، وهو محال وتساويهما

<<  <  ج: ص:  >  >>