أصحابنا إلا الأدب من السلطان لا قود ولا حد، ولا تقع المماثلة في اللطمة، ولا ضرب السوط.
قال ابن عبد السلام: وقد يسبق إلى الذهن أن من يرى القود في السوط من أصحابنا يرى للمشهود عليه هنا أن يقتص من الشهد، وهذا إنما يتم لو كان أشهب الذي يوجب للمشهود عليه القصاص من الشهود يقول بالقود من السوط.
قلت: يرد تعقبه التخريج بان الحكم على المشهود عليه بالضرب بالسوط إن كان به فهو عند الحاكم مماثل؛ فيجب الحكم به على الشهود برجوعهم.
والتخريج إنما يتصور على هذا التقدير، وإن لم يحكم على المشهود عليه بالضرب بالسوط لعدم تماثله غيره، وحكم عليه بمطلق الأدب فواضح؛ لأنه لا يحكم على الشهود إلا بالأدب.
وقوله:(وهذا إنما يتم ... إلخ) يرد بأن القول بعدم القود في السوط بناء في تصور التخريج المذكور، وإنما يتصور على القول بالقود في السوط حسبما بيناه فتأمله.
الشيخ في الموازية عن ابن القاسم: إن شهد رجلان بان هذا الرجل قتل ابن هذا عمداً فقضي بقتله فقتل، ثم قدم الابن حياً غرم الشاهدان ديته في أموالهما؛ إن تعمدوا ذلك، ولا شيء على الإمام، ولا على عاقته، وعلى الأب، وقاله أصبغ إن كان ذلك من الشاهدين عمداً.
ابن القاسم: ولو صالح الأب القاتل بمال لرده؛ فإن كان عديماً لم يتبع الشاهدان بشيء، وقاله ابن سحنون لا بقيد إن تعمدوا ذلك، وزاد عنه: ولا يرجع الشاهدان فيما غرما على القاتل بشيء؛ لأنهما اللذان تعديا، فإن كانا عديمين رجع ولي المقتول على الولي القاتل، فإن أخذ ذلك منه لم يرجع على الشاهدين؛ لأنه الذي أتلف النفس كمن تعدى على مال رجل فأطعمه لآخر لم يعلم بعدائه، فلربه طلب المتعدي، ولا رجوع للمتعدي على الآكل، فإن كان المتعدي عديماً رجع على الآكل، ولا يرجع به الآكل على المتعدي.
المازري: هذا تشبيه صحيح لولا أن الآكل انتفع بالطعام، وربما وفر به ماله،