١٠٥٤٠ - عن جُبير بن نُفير، عن عوف بن مالك الأشجعي، قال:
«غزونا غزوة إلى طرف الشام، فأمر علينا خالد بن الوليد، قال: فانضم إلينا رجل من أمداد حمير، فأوى إلى رحلنا، ليس معه شيء إلا سيف، ليس معه سلاح غيره، فنحر رجل من المسلمين جزورا، فلم يزل يحتل حتى أخذ من جلده كهيئة المجن، حتى بسطه على الأرض، ثم وقد عليه حتى جف، فجعل له ممسكا كهيئة الترس، فقضي أن لقينا عدونا، فيهم أخلاط من الروم والعرب من قضاعة، فقاتلونا قتالا شديدا، وفي القوم رجل من الروم، على فرس له أشقر، وسرج مذهب، ومنطقة ملطخة ذهبا، وسيف مثل ذلك، فجعل يحمل على القوم ويغري
⦗٣٦٦⦘
بهم، فلم يزل ذلك المددي يحتال لذلك الرومي حتى مر به، فاستقفاه، فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع، ثم أتبعه ضربا بالسيف حتى قتله، فلما فتح الله الفتح، أقبل يسأل للسلب، وقد شهد له الناس بأنه قاتله، فأعطاه خالد بعض سلبه، وأمسك سائره، فلما رجع إلى رحل عوف ذكره، فقال له عوف: ارجع إليه فليعطك ما بقي، فرجع إليه، فأبى عليه، فمشى عوف حتى أتى خالدا، فقال: أما تعلم أن رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال: بلى، قال: فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله؟ قال خالد: استكثرته له، قال عوف: لئن رأيت وجه رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم لأذكرن ذلك له، فلما قدم المدينة بعثه عوف، فاستعدى إلى النبي صَلى الله عَليه وسَلم فدعا خالدا وعوف قاعد، فقال رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم: ما يمنعك يا خالد أن تدفع إلى هذا سلب قتيله؟ قال: استكثرته له يا رسول الله، فقال: ادفعه إليه، قال: فمر بعوف، فجر عوف بردائه، فقال: أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فسمعه رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فاستغضب، فقال: لا تعطه يا خالد، هل أنتم تاركوا لي أمرائي؟! إنما مثلكم ومثلهم، كمثل رجل اشترى إبلا وغنما فرعاها، ثم تحين سقيها فأوردها حوضا، فشرعت فيه، فشربت صفوة الماء، وتركت كدره، فصفوة أمرهم لكم، وكدره عليهم» (١).