للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنت أستحاض حيضة كبيرة شديدة، فأتيت رسوله الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش [٢٧٠ ب/١] فقلت: يا رسول الله، إن لي إليك حاجة، وإنه لحديث ما منه بد، وإني لأستحي منه، فقال:" ما هو يا هنتاه"؟ فقلت: إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها معنى الصوم والصلاة. فقال:"فإني أنعت لك الكرسف، فإنه يذهب الدم"، وقيل:" أبعث لك الكرسف" وهو مصحف عندي. قلت: هو أكثر من ذلك، قال:"فتلجمي" قلت: هو أكثر من ذلك، قال: فاتخذي ثوبًا قلت هو أكثر من ذلك إنما أثج ثجًا، قال:"سأمرك بأمرين أيهما فعلت أجزاك عن الآخر، فإن قويت عليهما فأنت أعلم، إنما عي ركضة من ركضات الشيطان، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثًا وعشرين أو أربعة وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما تطهرن ميقات حيضهن وطهرهن، وإن قويت على أن تؤخرني الظهر وتعجلي العصر فتغسلي وتجمعي بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إن قدرت على ذلك". قال [٢٧١ أ/١] رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وهذا أحب الأمرين إلي".

قال الشافعي: واحتمل هذا أمرين:

أحدهما: أنه كان لها عادة، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عادتها إن كانت ستًا فستًا، وإن كانت سبعًا فسبعًا، فلا تكون المستحاضة إلا أصلان مميزة ومعتادة.

والثاني: أنه لم يكن لها عادة، بل كانت مبتدأة، فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غالب عادة النساء إن كانت ستًا فستًا، وإن كانت سبعًا فسبعًا وهو أخد قولي الشافعي فيكون هذا أصلًا ثالثًا في التي لا تمييز لها ولا عادة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم حكمها.

وقال أصحابنا: ويحتمل وجهًا آخر، وهو أن هذه المرأة قد ثبت لها فيما تقدم أيام ستة أو سبعة، إلا أنها قد نسيتها فلا تدري أيتها كانت، فأمرها أن تتحرى وتجتهد وتبني أمرها

على ما تيقنه، من أحد العددين، وحكاه صاحب الشامل هذا عن الشافعي. والدليل على هذا أنه قال:" في علم الله"، أي فيما علم الله من أمرك من ستة أو سبعة، وقد ترك بعض أصحابنا القول بهذا الخبر، لأن في رواية كلامًا، وصار في المبتدأة التي لا تمييز لها إلى أنها تحتاط وتأخذ باليقين، فلا تترك الصلاة إلا أقل مدة الحيض وهو يوم وليلة [٢١٧ ب/١] ثم تغتسل وتصلي سائر الشهور وهذا أحد قولي الشافعي. وقوله:" أنعت لك الكرسف" يعني: القطن وقوله:" أثج ثجًا": فإن الثج شدة السيلان. وقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>