للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإفلاس سبب يرجع به إليه جميع ماله فكان من جنسه ما يرجع به إليه بعض عين ماله كالطلاق.

وحكي عن كالك أنه قال: هو بالخيار إن شاء رد ما قبض ورجع في جميع العين، وإن شاء حاص الغرماء في كل الثمن. فإذا تقرر هذا وباع عبدين بألفي درهم وقيمتهما واحدة؛ فسلم إلى المشتري جميع العبدين وقبض ألف درهم وتلف أحد العبدين في يد المشتري، ثم أفلس بما بقي من الثمن. فإذا قلنا: إذا قبض بعض الثمن بطل حقه من العين يضرب مع الغرماء بما بقي من الثمن. وإذا قلنا: لا يبطل حقه فإنه يرجع في العين بقسط ما بقي من الثمن، وهل يرجع بجميع العبد الباقي أو بنصفه؟ فيه قولان عن العبدين جميعًا فقد قبض نصف ثمن هذا العبد الباقي فلم يجز له أن يرجع إلا بنصف العبد الباقي وضرب مع الغرماء بنصف العبد التالف، وهذا اختيار المزني وهو القياس، وظاهر المذهب الأول، واعترض المزني على احتجاج الشافعي في الرجوع فيما بقي بالرهن، فقال: ليس كالرهن لأنه معنى واحدٌ بمعنى واحدٍ أي كل الرهن مرهون [ق ٣٠٧ أ] بباقي الحق وكل الحق مستوثق بباقي الرهن.

وأما الثمن فإنه يتوزع على الثمن ويتقسط عليه، وأجاب أصحابنا عن هذا بأن إمساك البائع بمنزلة إمساك الرهن، فإذا تعذر عليه الثمن عاد فيه لأنه في الابتداء كان له أن يمسك كل المبيع على بعض الثمن أيضًا، ولأنه إذا جاز له نقل الحق الذي في ذمة المشتري إلى عين المبيع جاز له نقل حقه من التالف إلى الباقي من المبيع فساوى في ذلك الرهن.

ومن أصحابنا من قال: نص ههنا أنه يرجع بكل ما بقي، وقال في الصداق: إذا أصدقها أربعين شاة فحال الحول وأخرجت شاة منها، ثم طلقها قبل الدخول رجع عليها بنصف الغنم الموجود فجعل حقه في الموجود دون المعقود، فقيل: فيها قولان، وقيل: ههنا قول واحد على ما نص ههنا بخلاف الصداق، والفرق أن ذمة الزوج ملية فلا يضر ترك نصف حقه من العين ونقله إلى ذمتها، وههنا ذمة المفلس خربة فلا يلزم البائع ترك حقه من العين إلى ذمته، وقد ذكرنا هذه المسألة في كتاب الزكاة.

مسألة:

قَالَ: «وَلَوْ أَكْرَاهُ أَرْضًا فَفَلَسَ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ فِي أَرْضِهِ».

الفصل:

إذا اكترى رجل من رجل أرضًا ليزرعها زرعًا أو دارًا يسكنها ففلس المكتري قبل إيفاء الكراء فللمكري [ق ٣٠٧ ب] فسخ العقد؛ لان الإجازة نوع من البيوع، وقال داود: لا يجوز فسخ الإجازة بالفلس بخلاف البيع؛ لأن الخبر ورد في البيع، ثم لا يخلو من

<<  <  ج: ص:  >  >>