للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْهَا، وَيُرْوَى:

مُسَلِّماً

، بِكَسْرِ اللَّامِ، قَالَ: وَالْفَتْحُ أَشبه لأَنه لَمْ يَقُلْ فِيهَا سُوءًا. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا

، فَسَّرَهُ ثَعْلَبٌ فَقَالَ: كُلُّ نَبِيٍّ بُعِثَ بالإِسلام غَيْرَ أَن الشَّرَائِعَ تَخْتَلِفُ، وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ

، أَراد مُخْلِصَيْنِ لَكَ فعدَّاه باللام إِذ كَانَ فِي مَعْنَاهُ. وَكَانَ فُلَانٌ كَافِرًا ثُمَّ تَسَلَّمَ أَي أَسْلَمَ، وَكَانَ كَافِرًا ثُمَّ هُوَ الْيَوْمَ مَسْلَمَةٌ يَا هَذَا. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:

ادْخُلُوا فِي السَّلْمِ كافَّةً

، قَالَ: عَنى بِهِ الإِسلامَ وَشَرَائِعَهُ كلَّها، وقرأَ أَبو عَمْرٍو: ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً

، يَذْهَبُ بِمَعْنَاهَا إِلى الإِسلام. والسِّلْمُ: الإِسلامُ، ١ «٣» قَالَ الأَحْوصُ:

فذادُوا عَدُوَّ السِّلْمِ عَنْ عُقْرِ دارِهِمْ، ... وأَرْسَوْا عَمُودَ الدِّينِ بَعْدَ التَّمايُلِ

وَمِثْلُهُ قَوْلُ امْرِئِ القَيْسِ بْنِ عابِسٍ:

فَلَسْتُ مُبَدِّلًا باللَّه رَبّاً، ... وَلَا مُسْتَبْدِلًا بالسِّلْم دِينَا

وَمِثْلُهُ قَوْلُ أَخي كِنْدَةَ:

دَعَوْتُ عَشِيرتي للسِّلْمِ لَمَّا ... رَأَيْتُهُمُ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينا

والسَّلم: الإِسلام. والسَّلْمُ: الِاسْتِخْذَاءُ وَالِانْقِيَادُ والاسْتِسْلامُ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلقى إِليكم السَّلَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا، وَقُرِئَتْ: السَّلامَ، بالأَلف، فأَما السلامُ فَيَجُوزُ أَن يَكُونَ مِنَ التَّسْلِيم، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ بِمَعْنَى السَّلَمِ، وَهُوَ الاستِسلامُ وإِلقاء المَقادة إِلى إِرادة الْمُسْلِمِينَ. وأَخذه سَلَماً: أَسَرَهُ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ. وَحَكَى ابْنُ الأَعرابي: أَخذه سَلَماً أَي جَاءَ بِهِ مُنْقَادًا لَمْ يَمْتَنِعْ، وإِن كَانَ جَريحاً. وتَسَلَّمَه مني: قبضه. وسَلَّمْتُ إِليه الشَّيْءَ فَتَسَلَّمَه أَي أَخذه. والتَّسْلِيمُ: بَذْلُ الرِّضَا بِالْحُكْمِ. والتَّسْلِيمُ: السَّلامُ. والسَّلَمُ، بِالتَّحْرِيكِ: السَّلَفُ، وأَسْلَمَ فِي الشيء وسَلَّمَ وأَسْلَف بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَالِاسْمُ السَّلَمُ. وَكَانَ راعيَ غَنَمٍ ثُمَّ أَسلم أَي تَرَكَهَا، كَذَا جَاءَ، أَسْلَم هُنَا غَيْرُ مُتَعَدٍّ. وَفِي حَدِيثِ

خُزَيْمَةَ: مَنْ تَسَلَّم فِي شَيْءٍ فَلَا يَصْرِفْه إِلى غَيْرِهِ.

يُقَالُ: أَسْلَمَ وسَلَّمَ إِذا أَسْلَفَ وَهُوَ أَن تُعْطِيَ ذَهَبًا وَفِضَّةً فِي سِلْعةٍ مَعْلُومَةٍ إِلى أَمَدٍ مَعْلُومٍ، فكأَنك قَدْ أَسْلَمْتَ الثَّمَنَ إِلى صَاحِبِ السِّلْعَةِ وسَلَّمْتَهُ إِليه، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَن يُسْلِفَ مَثَلًا فِي بُرٍّ فَيُعْطِيَهُ المُسْتَلِف غيرَه مِنْ جِنْسٍ آخَرَ، فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَن يأْخذه، قَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَمْ أَسمع تَفَعَّل مِنَ السَّلَمِ، إِذا دَفَعَ، إِلَّا فِي هَذَا. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ عُمَرَ: كَانَ يَكْرَهُ أَن يُقَالَ السَّلَمُ بِمَعْنَى السَّلَفِ وَيَقُولُ الإِسْلامُ للَّه عَزَّ وَجَلَّ

، كأَنه ضَنَّ بِالِاسْمِ ١ «٤» الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الطَّاعَةِ وَالِانْقِيَادِ للَّه عَزَّ وَجَلَّ عَنْ أَن يُسَمَّى بِهِ غَيْرُهُ، وأَن يُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ وَيُذْهَبَ بِهِ إِلى مَعْنَى السَّلَف، قَالَ ابْنُ الأَثير: وَهَذَا مِنَ الإِخْلاصِ بَابٌ لَطِيفُ المَسْلَكِ. الْجَوْهَرِيُّ: أَسْلَمَ الرَّجُلُ فِي الطَّعَامِ أَي أَسلف فِيهِ، وأَسْلَمَ أَمره للَّه أَي سَلَّمَ، وأَسْلَمَ أَي دَخَلَ فِي السِّلْمِ، وَهُوَ الاسْتِسْلامُ، وأَسْلَمَ مِنَ الإِسْلامِ. وأَسْلَمَه أَي خَذَلَهُ. والسَّلْمُ: الدَّلْوُ الَّتِي لَهَا عُرْوَةٌ وَاحِدَةٌ، مُذَكَّرٌ نَحْوَ دَلْوِ السَّقَّائين، قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: صَوَابُهُ لَهَا عَرْقُوَةٌ واحدة


(٣). قوله والسلم الإسلام أي بالفتح والكسر كما في البيضاوي فالذي تحصل أنه بهما بمعنى الاستسلام والصلح والإسلام.
(٤). قوله [كأَنه ضَنَّ بالاسم] أي الذي هو السلم وقوله الَّذِي هُوَ مَوْضِعُ الطَّاعَةِ والانقياد لأن السلم اسم من الإسلام بمعنى الإذعان والانقياد فكره أن يُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ طَاعَةٍ اللَّهِ وإن كان يذهب به مستعمله إلى معنى السلف الذي ليس من الاستسلام

<<  <  ج: ص:  >  >>