للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مَعْنَى التَّشْبِيهِ أَي هِيَ مِثْلُ الرَّجُلِ الوَفيِّ الْعَهْدِ. والإِلُّ: الْقَرَابَةُ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَخُونُ العَهْد وَيَقْطَعُ الإِلَ

؛ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: وَقَدْ خَفَّفَت الْعَرَبُ الإِلَّ؛ قَالَ الأَعشى:

أَبيض لَا يَرْهَب الهُزالَ، وَلَا ... يَقْطعُ رُحْماً، وَلَا يَخُون إِلَّا

قَالَ أَبو سَعِيدٍ السِّيرَافِيُّ: فِي هَذَا الْبَيْتِ وَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَن يَكُونَ إِلَّا فِي مَعْنَى نِعْمة، وَهُوَ وَاحِدُ آلَاءِ اللَّهِ، فإِن كَانَ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. والإِلُّ: الْقَرَابَةُ؛ قَالَ حَسّان بْنُ ثَابِتٍ:

لَعَمْرُك إِنَّ إِلَّك، مِنْ قُرَيْش، ... كإِلِّ السَّقْبِ مِنْ رَأْلِ النَّعَام

وقال مُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً

، قِيلَ: الإِلُّ الْعَهْدُ، وَالذِّمَّةُ مَا يُتَذَمَّم بِهِ؛ وقال الْفَرَّاءُ: الإِلُّ الْقَرَابَةُ، والذِّمة العَهد، وَقِيلَ: هُوَ مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: وَهَذَا لَيْسَ بِالْوَجْهِ لأَن أَسماء اللَّهِ تَعَالَى مَعْرُوفَةٌ كَمَا جَاءَتْ فِي الْقُرْآنِ وَتُلِيَتْ فِي الأَخبار. قَالَ: وَلَمْ نَسْمَعِ الدَّاعِيَ يَقُولُ فِي الدُّعَاءِ يَا إِلُّ كَمَا يَقُولُ يَا اللَّهُ وَيَا رَحْمَنُ وَيَا رَحِيمُ يَا مُؤْمِنُ يَا مُهَيْمِنُ، قَالَ: وحقيقةُ الإِلِّ عَلَى مَا تُوجِبُهُ اللُّغَةُ تحديدُ الشَّيْءِ، فَمِنْ ذَلِكَ الأَلَّة الحَرْبة لأَنها مُحَدَّدَةٌ، وَمِنْ ذَلِكَ أُذن مُؤَلَّلَة إِذا كَانَتْ مُحَدَّدَةً، فالإِلُّ يَخْرُجُ فِي جَمِيعِ مَا فُسِّرَ مِنَ الْعَهْدِ وَالْقَرَابَةِ والجِوَار، عَلَى هَذَا إِذا قُلْتَ فِي الْعَهْدِ بَيْنَهُمَا الإِلُّ، فتأْويله أَنهما قَدْ حَدَّدَا فِي أَخذ الْعَهْدِ، وإِذا قُلْتَ فِي الجِوَار بَيْنَهُمَا إِلٌّ، فتأْويله جِوَار يُحَادُّ الإِنسان، وإِذا قُلْتَهُ فِي الْقَرَابَةِ فتأْويله الْقَرَابَةُ الَّتِي تُحادّ الإِنسان. والإِلُّ: الْجَارُ. ابْنُ سِيدَهْ: والإِلُّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، بِالْكَسْرِ. وَفِي حَدِيثِ

أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، لَمَّا تُلِيَ عَلَيْهِ سَجْع مُسَيْلِمة: إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ مَا جَاءَ مِنْ إِلّ وَلَا برٍّ فَأَيْن ذُهِب بِكُمْ

، أَي مِنْ رُبُوبِيَّةٍ؛ وَقِيلَ: الإِلُّ الأَصل الْجَيِّدُ، أَي لَمْ يَجئ مِنَ الأَصل الَّذِي جَاءَ مِنْهُ الْقُرْآنُ، وَقِيلَ: الإِلُّ النَّسَب وَالْقَرَابَةُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى إِن هَذَا كَلَامٌ غَيْرُ صَادِرٍ مِنْ مُنَاسَبَةِ الْحَقِّ والإِدلاء بِسَبَبٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصّدِّيق. وَفِي حَدِيثِ

لَقيط: أُنبئك بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي إِلِّ اللَّهِ

أَي فِي رُبُوبِيَّتِهِ وإِلَهيته وَقُدْرَتِهِ، وَيَجُوزُ أَن يَكُونَ فِي عَهْدِ اللَّهِ مِنَ الإِلِّ العهدِ. التَّهْذِيبُ: جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَن يَعْقُوبَ بن إِسحق، عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، كَانَ شَدِيدًا فَجَاءَهُ مَلَك فَقَالَ: صارِعْني، فَصَارَعَهُ يَعْقُوبُ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: إِسْرَإِلّ، وإِلّ اسْمٌ مِنْ أَسماء اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِلُغَتهم وإِسْر شَدَّةٌ، وَسُمِّي يَعْقُوبُ إِسْرَإِلّ بِذَلِكَ وَلَمَّا عُرِّب قِيلَ إِسرائيل؛ قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: كُلُّ اسْمٍ فِي الْعَرَبِ آخِرُهُ إِلّ أَو إِيل فَهُوَ مُضَافٌ إِلى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ كَشُرَحْبِيل وشَرَاحيل وشِهْمِيل، وَهُوَ كَقَوْلِكَ عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، وَهَذَا لَيْسَ بِقَوِيٍّ إِذ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَصُرِفَ جِبْرِيلُ وَمَا أَشبهه. والإِلُّ: الرُّبُوبِيَّةُ. والأُلُّ، بِالضَّمِّ: الأَوّل فِي بَعْضِ اللُّغَاتِ وَلَيْسَ مِنْ لَفْظِ الأَوّل؛ قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:

لِمَنْ زُحْلوقَةٌ زُلُّ، ... بِهَا العَيْنان تَنْهلُ

يُنَادِي الآخِرَ الأُلُّ: ... أَلا حُلُّوا، أَلا حُلّوا

وإِن شِئْتَ قُلْتَ: إِنما أَراد الأَوَّل فبَنَى مِنَ الْكَلِمَةِ عَلَى مِثال فُعْل فَقَالَ وُلّ، ثُمَّ هَمَزَ الْوَاوَ لأَنها مَضْمُومَةٌ غَيْرَ أَنا لَمْ نَسْمَعْهُمْ قَالُوا وُلّ، قَالَ الْمُفَضَّلُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>