للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وذلك مسألة: ما زال زيد يأتينا فنكرمه، قال: فهذا نفي في الصورة ومعناه الإيجاب، تقديره: زيد يأتينا كثيرا فنكرمه، فلا يجوز نصب ما بعد الفاء، وكذلك باقي الأفعال التي صورتها منفية وهي موجبة من حيث المعنى. انتهى.

ولا شك أن الموجب لهذا كله حمل الكلام على غير ما أريد به وذلك أن المراد بـ «مؤول» إنما هو أن يكون الكلام

صورته صورة الإيجاب والمراد به النفي كما قدمنا، والشيخ عكس ذلك، وبالله العجب يورد الشيخ على المصنف: ما زال زيد يأتينا فنكرمه؛ أنه لا يجوز نصب ما بعد «الفاء» فيه، والمصنف قد ذكر المسألة بعينها في شرح الكافية وهي: ما تزال تأتينا فتحدثنا؛ حيث ذكر: ما أنت إلا تأتينا فتحدثنا، وقال: إن النفي فيهما ليس خالصا، وإنهما لا جواب لهما منصوب كما تقدم ذكرنا لذلك عنه.

ومنها: أن ابن عصفور ذكر مسألتين (١):

الأولى:

أن «الفاء» إذا دخلت على الفعل وكان فيه ضمير يعود على ما قبلها فإما أن يرجع الضمير إلى من نفي الفعل في حقّه أو إلى من أوجب في حقّه، فإن رجع إلى من نفي عنه الفعل نصبت وإلا رفعت، مثاله: ما جاءني أحد إلا زيد فأكرمه، فإن جعلت الهاء لـ «أحد» نصبت كأنه قال: ما جاءني أحد فأكرمه، وإن جعلتها لـ «زيد» لم تنصب؛ لأن المعنى: جاءني زيد فأكرمه.

الثانية:

أن ما قبل الفاء إذا كان له معمول وأخرته إلى ما بعد الفاء نحو: ما ضربت فأهنته زيدا ففيه خلاف: منهم من أجاز ذلك ومنهم من منع (٢)؛ فالمجيز يقول:

إنك لم تفصل إلا بمعطوف على الفعل بخلاف: إن تضرب فهو يكرم زيدا؛ هذا لا يجوز باتفاق؛ لأنك فصلت بما ليس بمعمول للفعل الأول ولا معطوف عليه؛ لأن الجواب ليس محمولا (٣) على الشرط، فلو كان معطوفا عليه لشاركه في المعنى، والمانع يقول: إن الفعل الذي قبل «الفاء» في تأويل المصدر ولهذا صح النصب، -


(١) انظر: شرح الجمل (٢/ ١٥٤) تحقيق أبو جناح.
(٢) في الهمع (٢/ ١٢) أن الذي أجازه هم الكوفيون والذي منعه هم البصريون وأكثر النحويين.
(٣) في شرح الجمل: «أن تضرب فهو مكرم زيد».

<<  <  ج: ص:  >  >>