للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ادّعاء الظرفية بقول العرب: رأيت الذي سواك، فوصلوا الموصول بـ (سواك) وحده، كما وصلوه بـ (عندك) ونحوه من الظروف، فالجواب أن يقال: لا يلزم من معاملته معاملة الظرف كونه ظرفا، فإنّ حرف الجر يعامل معاملة الظّرف، ولم يكن بذلك ظرفا، فإن ضمّن ظرفا فجائز، فإن أطلق على (سوى) ظرف، إطلاقا مجازيا لم يمتنع، وإنمّا يمتنع تسميته ظرفا بقصد الحقيقة» (١)، ثم قال: «فإن قيل: فلم استجيز الوصل بـ (سوى) ولم يستجز بغيره، وهما بمعنى واحد؟ فعن ذلك جوابان:

أحدهما: أنّ هذا من النوادر، كنصب (غدوة) بعد (لدن) وكإضافة (ذي) إلى (تسلم) (٢) في قولهم: اذهب بذي تسلم (٣).

[٣/ ٦٠] والثّاني: أنّ (سوى) لازمة الإضافة لفظا ومعنى، فشبّه بـ (عند) و (لدى) في ذلك، مع كثرة الاستعمال، فعومل في الوصل به معاملتهما، ولم تعامل (غير) هذه المعاملة؛ لأنّها قد تنفكّ عن الإضافة لفظا (٤)، ثم قال: فإن قيل: فما موضع (سوى) من الإعراب، بعد الموصول؟ قلت: يحتمل أن يكون موضعه رفعا على أنّه خبر لمبتدأ مضمر، ويحتمل أن يكون موضعه نصبا، على أنّه حال، وقبله (ثبت) مضمرا، كما أضمر قبل (أن) في قولهم: لا أفعل ذلك ما إن حراء مكانه، ويقوّي هذا الوجه قول من قال: «رأيت الذي سواك» بالنّصب على أنّه يجوز أن يكون (سواك) خبر مبتدأ مضمر، وبني لإبهامه، وإضافته إلى مبنيّ، كما فعل ذلك بـ (غير) في قوله: -


(١) و (٢) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣١٦)، والتذييل والتكميل (٣/ ٦١٨)، والهمع (١/ ٢٠٣)، والدرر (١/ ١٧١).
(٣) ينظر هذا القول في الكتاب (٣/ ١٢١، ١٥٨)، والتذييل والتكميل (٤/ ٦١٨)، و «تسلم» فعل، في موضع الاسم، ولكنهم لا يستعملون الاسم، للاستغناء عنه بالفعل، حتى كأن الاسم أسقط.
وفي الهمع (٢/ ٥١): «أضيف (ذي) - بمعنى صاحب - إلى (تسلم) أي في وقت ذي سلامة، فالباء بمعنى (في) أو للمصاحبة، أي مقترنا بسلامتك، أو للقسم، والمعنى: يحق سلامتك، وقيل:
ذو موصولة، و (تسلم) صلتها، والمعنى: اذهب في الوقت الذي تسلم فيه، وتلحق الفعلين الفروع فيقال: اذهبا بذي تسلمان، واذهبوا بذي تسلمون. اه. وينظر أيضا: شرح المصنف (٢/ ٣١٦)، والتذييل والتكميل (٤/ ٦١٨).
(٤) ينظر: شرح المصنف (٢/ ٣١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>