للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بالمقدّم عليها، ولأن المستثنى في نحو: ما جاء أحد إلا زيدا، إنما رجح إتباعه على نصبه، ولأنّه إذا أتبع شاكل ما

قبله لفظا، فإذا أتبع وبعده صفة متبعة شاكل ما قبله، وما بعده، فكان إتباعه متوسطا أولى من إتباعه غير متوسّط، ووجه ترجيح الإتباع أن الوصف فضلة، فلا اعتداد بالتقدم عليها.

قال المبرد: وكان المازنيّ يختار النصب ويقول: إذا أبدلته من شيء فقد طرحته من لفظي وإن كان في المعنى موجودا فكيف أنعت ما قد سقط (١).

قال المبرد: والقياس عندي قول سيبويه؛ لأنّ الكلام إنّما يراد معناه، والمعنى الصحيح أن البدل والمبدل منه موجودان معا لم يوضعا على أن يسقط أحدهما إلّا في بدل الغلط، فإنّ المبدل منه بمنزلة ما ليس في الكلام (٢).

وقد رجح اختيار المازنيّ بأمرين:

أحدهما: أن البدل على نية تكرار العامل، فإذا أبدلت كنت قد فصلت بين الصفة والموصوف بجملة، وإمّا الفصل الثاني بالاستثناء، فيسهله كونه مفردا معمولا لما تقدّم (٣).

الثاني: أنه إذا اجتمعت صفة وبدل قدمت الصفة عليه، والذي يظهر أنّ حكم البدل في باب الاستثناء - ليس جاريا على أحكام البدل في غيره، وتسميته بدلا إنّما هو باعتبار عمل العامل فيه وصحة حلوله محلّ المبدل منه، وبهذا يندفع ما أورده من الإشكالات، ومن أمثلة هذه المسألة: من لي إلّا زيد صديقا، مثّل بها سيبويه (٤)، فـ (من) مبتدأ و (لي) خبره، وفيه ضمير مرفوع ومنه استثني، و (صديقا) حال منه، والحال صفة في المعنى، فقد تقدّم المستثنى على الصّفة، وتعرض المصنف له في الشرح.


- تكون الصفة مقدمة على البدل. اه.
(١) المقتضب (٤/ ٣٩٩)، تحقيق الشيخ عبد الخالق عضيمة (طبعة المجلس الأعلى).
(٢) المقتضب (٤/ ٤٠٠).
(٣) ينظر الاستغناء في أحكام الاستثناء (ص ٢١٢، ٢١٤).
(٤) الكتاب (٢/ ٣٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>