للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

إيلاؤه إيّاها التفاتا إلى الأصل، وقد عاملوا الحال معاملة الظرف فأولوها كأنّ، ومنه قول الشاعر:

٩٢٠ - كأنّ وقد أتى حول جديد ... أثافيها حمامات مثول (١)

ويجوز حذف الاسم إذا فهم معناه ولا يخص ذلك بالشعر بل وقوعه فيه أكثر وحذفه وهو ضمير الشأن أكثر من حذفه وهو غيره ومن وقوع ذلك في غير الشعر قول بعضهم: إنّ بك زيد مأخوذ. حكاه سيبويه والخليل، يريد: إنه بك زيد مأخوذ (٢) وعليه يحمل قوله (عليه الصلاة والسّلام): «إنّ من أشدّ النّاس عذابا يوم القيامة المصوّرون» (٣) هكذا رواه الثقاة بالرفع، وحمله الكسائي على زيادة «من» وجعل: أشد الناس اسما والمصورون خبرا (٤)، والصحيح أن الاسم ضمير الشأن وقد حذف كما حذف في إنّ بك زيد مأخوذ لأنّ زيادة «من» مع اسم «إنّ» غير معروفة، وحكى الأخفش: إنّ بك مأخوذا أخواك» (٥) وتقديره إنّك بك مأخوذ أخواك، فحذف الاسم وهو ضمير المخاطب وجعل مأخوذ خبرا مرتفعا به أخواك كما كان يرتفع بيؤخذ ولا يجوز أن يكون التقدير: إنه بك مأخوذ أخواك، لأن الصفة المرتفع بها ظاهر بمنزلة الصفة المرتفع بها مضمرة في أنها لا تسد مسد جملة، ولا يكون مفسر ضمير الشأن إلا جملة محضة مصرحا بجزأيها. ومن -


(١) البيت لأبي الغول الطهوي من الوافر، وهو في شرح التسهيل لابن مالك (٢/ ١٣)، والتذييل (٢/ ٦٣٨)، ونوادر أبي زيد (٤٣٢، ٤٩٨)، والخصائص (١/ ٣٣٧)، والمقتضب (٢/ ١٨٥)، (٣/ ٨٢)، وشرح الجمل لابن عصفور (١/ ٤٤٠)، والمغني (٢/ ٣٩٢)، وشرح شواهده (٢/ ٨١٨) وشرح التسهيل للمرادي (١/ ٤٢٤)، والهمع (١/ ٢٤٨)، والدرر (١/ ٢٠٦).
والشاهد فيه: مجيء الجملة المعترضة بين «كأنّ» واسمها، وهذه الجملة حالية، وقد جوز بعضهم معاملتها كالظرف في جواز التوسط.
(٢) ينظر الكتاب (٢/ ١٣٤)، «قد منع المالقي حذفه إلا إذا كان ضمير الشأن» ينظر رصف المباني (١١٩).
(٣) أخرجه مسلم في كتاب اللباس والزينة (٩٨)، وابن حنبل (١/ ٣٧٥، ٤٢٦)، (٢/ ٢٦)، والبخاري (٧/ ١٤٣).
(٤) ينظر التذييل (٢/ ٦٤٨)، والأزهرية (٢٢٩ - ٢٣٠)، وشرح الرضي (٢/ ٣٦٢).
(٥) ينظر الهمع (١/ ١٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>