- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّ الرِّجْلَ جُبَارٌ فَهُوَ خَطَأٌ؛ لِأَنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَحْفَظُوهُ هَكَذَا.
(قَالَ): وَلَوْ أَنَّهُ أَوْقَفَهَا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقِفَهَا فِيهِ ضَمِنَ وَلَوْ وَقَفَهَا فِي مِلْكِهِ لَمْ يَضْمَنْ، وَلَوْ جَعَلَ فِي دَارِهِ كَلْبًا عَقُورًا أَوْ حِبَالَةً فَدَخَلَ إنْسَانٌ فَقَتَلَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ (قَالَ الْمُزَنِيّ) وَسَوَاءٌ عِنْدِي أَذِنَ لَهُ فِي الدُّخُولِ أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ.
كِتَابُ السِّيَرِ مِنْ خَمْسَةِ كُتُبٍ الْجِزْيَةِ، وَالْحُكْمِ فِي أَهْلِ الْكِتَابِ، وَإِمْلَاءٍ عَلَى كِتَابِ الْوَاقِدِيِّ وَإِمْلَاءٍ عَلَى غَزْوَةِ بَدْرٍ، وَإِمْلَاءٍ عَلَى كِتَابِ اخْتِلَافِ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ أَصْلُ فَرْضِ الْجِهَادِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ): - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمَّا مَضَتْ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُدَّةٌ مِنْ هِجْرَتِهِ أَنْعَمَ اللَّهُ فِيهَا عَلَى جَمَاعَاتٍ بِاتِّبَاعِهِ حَدَثَتْ لَهَا مَعَ عَوْنِ اللَّهِ قُوَّةٌ بِالْعَدَدِ لَمْ تَكُنْ قَبْلَهَا فَفَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الْجِهَادَ فَقَالَ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} وَقَالَ تَعَالَى {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} مَعَ مَا ذَكَرْته فُرِضَ الْجِهَادُ وَدَلَّ كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَفْرِضْ الْجِهَادَ عَلَى مَمْلُوكٍ وَلَا أُنْثَى وَلَا عَلَى مَنْ لَمْ يَبْلُغْ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} فَحَكَمَ أَنْ لَا مَالَ لِلْمَمْلُوكِ وَقَالَ {حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ} فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمْ الذُّكُورُ «وَعُرِضَ ابْنُ عُمَرَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ أُحُدٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً فَرَدَّهُ وَعُرِضَ عَلَيْهِ عَامَ الْخَنْدَقِ وَهُوَ ابْنُ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً فَأَجَازَهُ» وَحَضَرَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوِهِ عَبِيدٌ وَنِسَاءٌ غَيْرُ بَالِغِينَ فَرَضَخَ لَهُمْ وَأَسْهَمَ لِضُعَفَاءَ أَحْرَارٍ وَجَرْحَى بَالِغِينَ فَدَلَّ أَنَّ السُّهْمَانَ إنَّمَا تَكُونُ لِمَنْ شَهِدَ الْقِتَالَ مِنْ الرِّجَالِ الْأَحْرَارِ فَدَلَّ بِذَلِكَ أَنْ لَا فَرْضَ عَلَى غَيْرِهِمْ فِي الْجِهَادِ.
بَابُ مَنْ لَهُ عُذْرٌ بِالضَّعْفِ وَالضَّرَرِ وَالزَّمَانَةِ وَالْعُذْرِ بِتَرْكِ الْجِهَادِ مِنْ كِتَابِ الْجِزْيَةِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى} الْآيَةَ وَقَالَ {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ} وَقَالَ {لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} فَقِيلَ: الْأَعْرَجُ الْمُقْعَدُ وَالْأَغْلَبُ أَنَّهُ عَرَجُ الرِّجْلِ الْوَاحِدَةِ، وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي وَضْعِ الْجِهَادِ عَنْهُمْ.
(قَالَ): وَلَا يُحْتَمَلُ غَيْرُهُ، فَإِنْ كَانَ سَالِمَ الْبَدَنِ قَوِيَّهُ لَا يَجِدُ أُهْبَةَ الْخُرُوجِ وَنَفَقَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ إلَى قَدْرِ مَا يَرَى لِمُدَّتِهِ فِي غَزْوِهِ فَهُوَ مِمَّنْ لَا يَجِدُ مَا يُنْفِقُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِالْخُرُوجِ وَيَدَعَ الْفَرْضَ وَلَا يُجَاهِدُ إلَّا بِإِذْنِ أَهْلِ الدَّيْنِ وَبِإِذْنِ أَبَوَيْهِ لِشَفَقَتِهِمَا وَرِقَّتِهِمَا عَلَيْهِ إذَا كَانَا مُسْلِمَيْنِ وَإِنْ كَانَا عَلَى غَيْرِ دِينِهِ، فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ أَهْلَ دِينِهِمَا فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا عَلَيْهِ قَدْ جَاهَدَ ابْنُ عُتْبَةَ بْنُ رَبِيعَةَ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَسْت أَشُكُّ فِي كَرَاهِيَةِ أَبِيهِ لِجِهَادِهِ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَاهَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُوهُ مُتَخَلِّفٌ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأُحُدٍ يُخَذِّلُ مَنْ أَطَاعَهُ.
(قَالَ): وَمَنْ غَزَا مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ أَوْ حَدَثَ لَهُ بَعْدَ الْخُرُوجِ عُذْرٌ كَانَ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ مَا لَمْ يَلْتَقِ الزَّحْفَانِ أَوْ يَكُونُ فِي مَوْضِعٍ يَخَافُ إنْ رَجَعَ أَنْ يُتْلَفَ.
(قَالَ): وَيَتَوَقَّى فِي الْحَرْبِ قَتْلَ أَبِيهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَغْزُوَ بِجُعْلٍ مِنْ مَالِ رَجُلٍ وَيَرُدُّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute