للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

علي، سيد شباب أهل الجنة، وكان يكنى أبا عبد الله، خرج على يزيد فوجه إليه عبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد بن أبي وقاص، فقتله سنان بن أنس النخعي الأصبحي (١) سنة إحدى وستين يوم عاشوراء، وهو ابن ثمان وخمسين، ويقال: ابن ست وخمسين. وكان يخضب بالسواد. وعن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله : " من أراد أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة: فلينظر إلى الحسين بن علي " وقال النبي : " الحسن والحسين هما ريحانتان في الجنة ". قال الزبير بن بكار: ولد الحسين بن علي أبو عبد الله لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

وقال جعفر بن محمد الصادق: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد، ولد الحسن في رمضان سنة ثلاث، والحسين في شعبان سنة أربع. وقد كان يشبهان رسول الله، كان الحسن أشبه برسول الله ما بين الصدر إلى الرأس، والحسين أشبه برسول الله ما كان دون ذلك.

ولم يبق من أولاد الحسين ذكر إلا غلام مريض وهو علي بن الحسين يقال له: زين العابدين.

ولما حملت الرؤوس إلى يزيد بن معاوية وضع رأس الحسين بين يديه وأنشأ يزيد يقول بقضيب على فمه:

نفلق هاماً من رجال أعزه … علينا، وهم كانوا أعق وأظلما

ثم بعث إلى المدينة بذريته، فتلقتهم امرأة من بنات عبد المطلب ناشرة شعرها واضعة كمها على رأسها وهي تبكي وتقول:

ماذا تقولون إن قال النبي لكم: … ماذا فعلتم وأنتم آخر الأمم

بعترتي وبأهلي بعد مفتقدي … منهم أسارى، ومنهم ضرجوا بدم؟

ما كان هذا جزائي إذ نصحت لكم … أن تخلفوني بسوءٍ في ذوي رحمِ


(١) زيادة من كوبرلي فقط، وسنان بن أنس هكذا فيه وفي الطبري ٥: ٤٥٠ وغيرها، و" أنساب الأشراف " ٥: ٢٤٠ للبلاذري. وفي " المعارف " ٩٣ و" مجمع الزوائد " ٩: ١٩٤: " سنان بن أبي أنس ". وفي الأصل: الأشجعي، وفي الموضع المشار إليه من الطبري: الأصبحي، فأثبته. والحديث الأول هكذا ذكره المصنف، ولم أره بهذا اللفظ، والذي رأيته من طريق ابن سابط عن جابر - كما ذكر المصنف - لفظه " من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى الحسين بن علي " رواه أبو يعلى، ومن طريقه ابن حبان في " صحيحه " وفيه الربيع بن سعد قال في " الميزان " ٢: ٤٠: " كوفي لا يكاد يعرف " ثم أورد له هذا الحديث. لكن ذكره الحافظ الهيثمي ٩: ١٨٧ وقال: " رجاله رجال الصحيح غير الربيع بن سعد وقيل: ابن سعيد - وهو ثقة ". وانظر الحديث في " المطالب العالية " ٤: ٧١ وصحح ما تحرف في التعليق فيه على ما هنا. وأفاد الحافظ في " اللسان " ٢: ٤٤٥ أن ابن حبان ذكر الربيع في " الثقات ". وعلى كل فليس في هذا اللفظ أنه سيد شباب أهل الجنة. إنما ورد هذا اللفظ في أخيه الحسن ، فروى أبو يعلى عن جابر أيضا مرفوعا: " من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي ". انظر " منتخب كنز العمال " ٥: ١٠٢ من حاشية " المسند " و" الجامع الصغير " ٦: ١٥١ بشرحه " فيض القدير "، ورمز لصحته، وتعقبه المناوي بما لا يسلم له، حديث أعل هذا اللفظ بالربيع بن سعد راوي الحديث الأول!.
وروى البزار عن جابر مرفوعا: " الحسن سيد شباب أهل الجنة " ذكره الهيثمي ٩: ١٧٨ وأعله بجابر الجعفي، وهو " ضعيف رافضي " كما في " تقريب التهذيب ". وهذا كله بالنظر إلى تخريج اللفظ، وإن كان قد تواتر قوله :
"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة " .
وأما الحديث الثاني فلم أره بهذا اللفظ أيضا. والمعروف ما رواه البخاري في " الصحيح " ٨: ١٠٠ من حديث ابن عمر : " هما ريحانتاي من الدنيا ". ورواه غير البخاري عن غير ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>