للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* وأظهرهما: لا يُكره لأنَّ الغسل هو الأصل إذْ به تحصل النظافة، والمسح تخفيف من الشرع نازل منزلة الرُّخَص، فإذا عدَلَ إلى الأصل لم يأتِ بمكروه، لكن لا يُستحبُّ لقوله - عليه السلام -: "إنَّ الله يُحِبُّ أن تُقبل رُخَصُه كما يُحبُّ أنْ تُؤتى عزائمه".

ولو بلَّ رأسه، ولم يمدَّ اليدَ أو غيرها ممَّا يمسح به على الموضع فهل يُجزئه ذلك؟ فيه وجهان:

* أحدهما: يجزئ لأن المقصودَ وصولُ الماء، ولا نظر إلى كيفيَّة الإيصال، كما في الغسل لا يفترق بين أن يُجري الماء على أعضائه أو يخوض ببدنه في الماء.

* والثاني: وهو اختيار القفَّال لا يجزئ لأنه لا يُسمَّى مسحًا، ولو قطر على رأسه قطرة، ولم تجر على الموضع فعلى الخلاف، وإنْ جرت كفى، وهذا يدلُّ على أنَّ المقصود عندهم الوصول (١)، ولا عبرة بمسمَّى المسح (٢).

وأمَّا أصحابُ داود فمختلفون في استيعاب جميع الرأس بالمسح أو مسح بعضه، على قولين، وممَّن حُكيَ عنه جوازُ الاقتصارِ على مسح البعض من السَّلفِ: عبد الله بن عمر، وفاطمة بنت المنذر بن الزبير، والنخعي، والشعبي، وعطاء، وصفية بنت أبي عُبيد، وعكرمة، والحسن، وأبو العالية، وعبد الرحمن بن أبي ليلى".

قال أبو محمّد (٣) -رحمه الله-: "ولا نعلم عن أحد من الصحابة -رضي الله عنهم- خلافًا لما رُوّيناه عن ابن عمر في ذلك".


(١) من س وفي ت "الوضوء" وهو خطأ يرده السياق.
(٢) من س وفي ت "ولا عبرة بمسح المسح" وهو خطأ ظاهر يرده السياق.
(٣) وهو ابن حزم في "محلاه" (٢/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>