قال أبو الفتح: كلام أبي سليمان هذا في السكتة التي بعد قراءة الإمام الفاتحة والحديث تضمن سكتتين وقد وقع بيان الأولى منهما في حديث أبي هريرة السابق في أبواب الافتتاح حيث قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسكت بين التكبير والقراءة إسكاتة، وفيه: بأبي وأمي يا رسول الله إسكاتتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال:"أقول: اللهم باعد بيني وبين خطاياي ... " الحديث، وإطلاق السكتة على هذه مجاز فإنها مشغولة بما ذكره من الافتتاح غير أنه فصل بما أسر به فيها بين التكبير والقراءة ولعل ذلك في الصلاة الجهرية وفيه حجة لمن اختار الإتيان بدعاء الافتتاح سرًّا، وقد اختلف فيه الأصحاب على قولين:
أحدهما: يستحب الجهر به في الصلاة الجهرية وأصحهما المستحب الإسرار به بكل حال، وذكر صاحب البيان القولين على وجه آخر:
الأول: أنه يتخيّر الجهر والإسرار ولا ترجيح.
الثاني: أنه يستحب فيه الجهر ثم نقل عن أبي علي الطبري إنه يستحب الإسرار به فحصل في المسألة ثلاثة أقوال، فحصل بما ذكرناه الجمع بين قول عمران سكتة وقول سمرة سكتتين، وأن الأولى قبل الفاتحة والثانية تلي قراءة الفاتحة لقوله: وإذا قرأ ولا الضالين.
وقد وقع في الحديث سكتة يليها التكبير للركوع وهو ما روى ابن أيمن (١) ثنا أحمد بن محمد البرتي القاضي نا أبو معمر نا عبد الوارث بن سعيد التنوري ثنا يونس هو ابن عبيد عن الحسن البصري أن سمرة بن جندب صلى فكبر ثم سكت ساعة ثم قرأ فلما ختم السورة سكت ساعة ثم كبّر فركع فقال له عمران بن حصين: فقال سمرة: حفظت ذلك عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكتب في ذلك إلى أبي بن كعب