للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

الاستفهام على ضروب: طلب المعرفة، وهو الاستفهام الذي لا يشوبه شيء، واستفهام على طريق التسوية نحو: سواء على أقمت أم قعدت، واستفهام على سبيل التقرير نحو: ألم أحسن إليك، ولا يكون إلا بالهمزة، واستفهام على سبيل الإنكار وهو الذي يتكلم فيه هذا الفصل، فنقول: لا يكون من أدوات الاستفهام إلا بالهمزة متقدمة ثابتة في المشهور من اللغات، وحكى أبو زيد عن الكلابين أنهم قالوا لمن قال: رأيت زيدًا: زيد إنيه، بحذف الهمزة لدلالة علامة الإنكار عليها، وقال أبو المضاء منهم أزيدًا إنيه، فأتى بالهمزة، وهذا الإنكار الذي تلحقه العلامة لا يكون إلا عن مذكور في كلام المخاطب، فلو أنكرت ابتداءً لم تأت بالعلامة قيل: وربما لحقت الاستفهام الذي لا يشوبه شيء من الإنكار، سئل أعرابي عن إخوته وعن نفسه؛ فقيل له أخبرني عن أخيك زيد فقال: «أزيد إنيه فوالله ما رأيت أحدًا أسكن فورًا، ولا أبعد غورًا، ولا آخذًا بدين حجة قد تقدم رأسها من زيد»، قال: فهذا استفهام محض ليس فيه إنكار البتة، ويحتمل عندي التأويل على الإنكار؛ فإنه من شهرة الأوصاف الجميلة بحيث لا ينبغي أن يسأل عنه؛ إذ هو معلوم الأوصاف، وهذا الإنكار على ضربين: أحدهما أن ينكر أن يكون الأمر على ما ذكره المتكلم، فإذا قال: قام زيد فقلت: أزيدنيه كنت منكرًا لصدور القيام من زيد، ومكذبًا له في الإخبار عن زيد بالقيام، ولا يكون إلا في الخبر.

<<  <  ج: ص:  >  >>