بعض مما قبله قال: واتفقوا على أنها إذا عطفت دخل ما بعدها فيما قبلها، وأنها لا يعطف بها إلا حيث يجر ولا يلزم العكس، وعلى أنه إذا لم يكن ما قبلها ما يعطف عليه لم يجز إلا الجر نحو:«حتى مطلع الفجر» و «حتى حين» وقال ابن مالك: ولا يلزم أن يكون يعني مجرور حتى آخر جزء أو ملاقي آخر جزء، خلافًا للزمخشري واستدل بقوله:
عينت ليلة فما زلت حتى ... نصفها راجيًا فعدت يئوسا
وهذا الذي نقله عن الزمخشري هو قول أصحابنا، وهو أنه لا بد أن يكون آخر جزء من الشيء نحو: أكلت السمكة حتى رأسها، أو ملاقي آخر جزء نحو: سرت النهار حتى الليل، ولو قلت: أكلت السمكة حتى وسطها، وسرت النهار حتى نصفه لم يجز ذلك، بل إذا أردت المعنى أتيت بـ (إلى) فقلت: أكلت السمكة إلى وسطها، وسرت النهار إلى نصفه، فـ (إلى) في استعمالها لانتهاء الغاية أقعد من (حتى)، لأنها تدخل على كل ما جعلته انتهاء غاية.
وسواء أن يكون آخر جزء من الشيء، أو ملاقيًا آخر جزء أو لا يكون، وما استدل به ابن مالك لا حجة فيه لما بيناه في شرح كتابه التسهيل، ولا يكون المجرور بحتى ضميرًا هذا مذهب سيبويه، وأجاز الكوفيون، والمبرد جرها الضمير فتجره متكلمًا، ومخاطبًا، وغائبًا، قياسًا على قوله: