فعلى هذا لابد وأن يكون ما وراءها من مقدوراته مقدورًا لله تعالى عنده، وإلا لم يكن للتخصيص بالقبح معنى، فإذًا هو مقدوره تعالى إما لأنه عين مقدوره تعالى، أو مثل مقدوره وعلى التقديرين يلزم تحقق الملازمة لما تقدم.
وثانيهما: أن ما هو متعلق قدرة العبد، إن كان عين / (١٨٠/أ) ما هو متعلق قدرة الله تعالى فهو المطلوب، وإن كان غيره فهو باطل، لأن المقدور قبل دخوله في الوجود عدم صرف [و] نفي محض فيستحيل فيه التمييز بغير النسبة والإضافة وإلا لكان موجودًا، إذ لا معني للموجود إلا أنه ذات متحققة في نفسها متميزة عن غيرها، إما بذاتها أو بصفات حقيقية قائمة بها.
وإنما قلنا: إن حصول مقدورين قادرين محال فلوجهين:
أحدهما: أنه إذا حاول كل واحد منهما إيجاده، فإما أن يقع، أو لا يقع أصلاً، فإن وقع، فإما أن يقع بهما وهو محال، لأن الأثر مع المؤثر التام واجب به، والواجب بالشيء مستغني عن كل ما عداه، فلو اجتمع على الأثر الواحد مؤثران مستقلان لزم أن يستغني عن هذا نظرًا إلى كونه واجبًا بالآخر وأن يستغني عن ذلك الآخر نظرًا إلى كونه واجبًا بهذا، فيلزم أن يستغني عن كل واحد منهما بكل واحد منهما، وهو محال.