للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: الراجح واجب.

قلنا: نعم، لكن بالداعي إليه والإرادة الجازمة المتعلقة به لا لذاته، [و] وجوب الشيء بالشيء لا ينافي وقوعه به، وإلا لزم نفي وقوع الأشياء بقدرة الله تعالى وإرادته.

وهو باطل وفاقا. فيكون الفعل مقدورًا له فلم يكن تكليف ما لا يطاق.

سلمناه: لكنه منقوض بفعل "الرب" فإن أمكن أن يقال فيه: إن فعله تعالى حال استواء الداعي إلى الفعل والترك ممتنع لما ذكرتم، وفعل الراجح واجب وتركه ممتنع فلم يكن مقدورًا له، وفعل المرجوح ممتنع، وتركه واجب فلم يكن المرجوح مقدورًا له أيضًا، فما هو جوابكم عنه فهو جوابنا في فعل العبد.

الجواب عن الأول: أنا نسلم أن وجوب الشيء بالشيء لا ينافي وقوعه به ولا يدعى في هذا المقام أن الراجح غير واقع بقدرة العبد وداعيته، حتى يكون ما ذكرتم قادحًا فيه، بل ندعى أن فعل الراجح وتركه غير داخلين تحت اختيار المكلف وإن كانا واقعين بقدرته وداعيته، والدليل عليه أن الراجح واجب الحصول ممتنع اللاحصول، لما عرفت أن الرجحان يستلزم الوجوب، فإن كان هذا الوجوب بسبب الداعية التي هي غير داخلة تحت اختيار المكلف، لما عرفت أنها ليست من العبد ما لم يكن حصول هذا الوجوب داخلاً تحت اختياره، وكان حصول الراجح بغير اختياره، وإن كان بقدرته وإرادته فكان التكليف بالراجح تكليفًا بالمحال، سواء كان بالفعل أو بالترك.

<<  <  ج: ص:  >  >>