والراجح في الظن واجب العمل به، لقوله عليه السلام:"اقضي بالظاهر" وقوله عليه السلام: "نحن نحكم بالظاهر والله يتولي السرائر".
فإن هذا بيان ما يجب أن يحكم به، ولأن العمل بالراجح واجب في عدة من الصور كالفتوى، والشهادات، وقيم المتلفات وتعيين جهة القبلة، فوجب أن يجب ها هنا أيضًا. والجامع بينهما هو أنه ترجيح للراجح، ولأن تجويز العمل بالمرجوح مع وجود الراجح تجويز لوجود المرجوح من غير مرجح وأنه باطل بالضرورة.
واعلم أن هذا الدليل يقتضي أن العمل بالأمر واجب، ولا يقتضي كونه للوجوب علمًا واعتقادًا، وبعض الخصوم ربما يقول به، فإنه روى عن الإمام الزاهد أبي منصور الماتريدي - رحمه الله تعالى -، أن حكم الأمر عنده إنما هو وجوب العمل به ظاهرًا لا قطعًا، والاعتقاد على سبيل الإبهام أن ما أراد الله تعالى به من واجب أو ندب فهو حق. وقال: لأن الأمر للطلب المطلق الذي هو قدر مشترك بين الواجب والندب، وأنه بإطلاقه يحتمل الوجوب والندب، ومع الاحتمال كيف يمكن القطع بأنه للوجوب، ولكن نحكم بالوجوب ظاهرًا في حق العمل احتياطيًا دون الاعتقاد.
وسابع عشرها: طريقة الاحتياط. وتقريرها أن حمله على الوجوب / (١٤٠/أ) يوجب القطع لعدم مخالفة الأمر، لأنه إن أراد به الوجوب فظاهر، وإن أراد به الندب فحمله على الوجوب سعى في تحصيل ذلك المندوب بأبلغ الوجوه، ومعلوم أن ذلك يفيد القطع بعدم مخالفته فيما يتعلق بفعله، وأما حمله على الندب لا يوجب هذا القطع، لأنه إن أراد به