للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه وإلا لزم الإذن في تفويت المصلحة الراجحة وأنه قبيح عرفًا يوجب أن يكون قبيحًا شرعًا، لقوله عليه السلام: "ما رآه المسلمون قبيحًا فهو عند الله قبيح". مقتضي هذه الدلالة أن لا يوجد شيء من المندوبات، لكن ترك العمل به في المندوبات المتفق عليها للإجماع فوجب أن يبقي معمولاً به فيما عداها بالأصل، إذ الأصل إعمال الدليل بقدر الإمكان لا إهماله.

واعلم أن هذا الدليل مبني على وجوب تعليل أفعال الله تعالى بالمصالح فلا يستقيم على رأي أصحابنا، فلا يكون حجة على من أنكر منهم كون الأمر للوجوب، وإنما هو حجة على المعتزلة المنكرين كون الأمر للوجوب.

وسادس عشرها: لا نزاع بيننا وبين الخصوم أن الأمر يدل على رجحان جانب الوجود على العدم، إذ الكلام فيه بعد إبطال كونه حقيقة في الإباحة والتهديد على ما تقدم بيانه.

فنقول: رجحان جانب الوجود على العدم لا ينفك عن قيدين وهو: إما المنع من الترك. [أو الإذن فيه، ولا شك أن في الترك أفضى إلى الترك من إفضائه إلى الوجود، والمنع من الترك] أفضى إلى الوجود من إفضائه إلى العدم.

وقد ثبت أن جانب الوجود راجح على جانب العدم، ولا شك أن ما يكون أفضى إلى الراجح فهو راجح في الظن على ما يكون أفضى إلى المرجوح، فإذا شرعية المنع من الترك راجح في الظن على شرعية الإذن فيه،

<<  <  ج: ص:  >  >>