وعن الثاني: أن أبا سعيد لم يستفهم أن دعاه عليه السلام لماذا كان ألما يحيي أم لا؟ فإن جميع أوامر النبي [عليه السلام] لما يحيي وبتقدير أن يكون كذلك، كان الجواب لازمًا له، فيكون المقصود حاصلاً لما تقدم وكذا النبي عليه السلام لم يبين له ذلك، ولو كان الواجب مستفادًا من قرينة لما يحيي لما استحق الذم إلا بعد العلم لما لأجله الدعاء.
وتاسعها: ما روى عنه عليه السلام أنه قال لبريرة: لما اختارت فراق زوجها حين عتقت في نكاحه: "لو راجعتيه فإنه أبو أولادك"، فقالت: أتأمرني بذلك يا رسول الله، فقال:"لا إنما أنا شافع". فقالت: لا حاجة لي.
ووجه الاستدلال به: أنه عليه السلام نفي الأمر مطلقًا وأثبت الشفاعة الدالة على الندبية، فلو لم يكن الأمر للوجوب فقط لما صح هذا.
فإن قلت: لا نسلم أنه لو لم يكن الأمر للوجوب لما صح نفي الأمر وإثبات الشفاعة، وهذا لأنه يجوز أن يكون سؤالها عن الأمر طلبًا للثواب لطاعته وهو يحصل بفعل / (١٣٦/ب) المندوب، كما يحصل بفعل الواجب، لكن لما لم يكن في هذا الفعل ثواب لا جرم نفي الأمر عليه السلام، ويجوز أنه عليه السلام إنما شفع فيه لمصلحة دنياوية، ويؤيده قوله عليه السلام:"فإنه أبو أولادك" وحينئذ لم يكن ذلك دالاً على أن الأمر للوجوب.