فتكون مخالفته عبارة عن عدم امتثاله، ولأنه يصح أن يقال: أمرتك فخالفتني / (١٣٢/أ) عند ما لم يمتثل أمره والأصل في الإطلاق هو الحقيقة ومخالف الأمر مستحق للعذاب، لأنه مأمور بالحذر عن العذاب والأمر بالحذر عنه إنما يحسن بعد وجود المقتضي له، دون احتمال وقوعه حتى يقال: إن كون الأمر مقتضيًا للوجوب محتمل، فأمر بالحذر لئلا يلزم مخالفة الواجب بدليل أنه يقبح الأمر بالحذر عن الشيء بدون وجود المقتضي له، ألا ترى أنه يقبح أن يقال: لمن جلس تحت سقف جديد غير مائل، احذر عن أن يقع عليك السقف، ولا يقبح أن يقال ذلك لمن جلس تحت سقف مائل معرض للوقوع، لما أن المقتضى للوقوع قائم فيه فلو لم يكن ترك المأمور به مقتضيًا لوقوع العذاب لما حسن الأمر بالحذر عن العقاب، ولا معني لقولنا: إن مخالف الأمر مستحق للعقاب إلا أنه وجد المقتضي لعقابه ولا معنى لكون الأمر. للوجوب إلا أن تاركه مستحق للعقاب. على ما تقدم تقريره في حد الواجب.
فإن قيل: سلمنا أن المخالفة ضد الموافقة، لكن لا نسلم أن الموافقة عبارة عن مجرد امتثال الأمر. ولم لا يجوز أن يكون موافقة الأمر عبارة عن امتثاله على وجه يقتضيه الأمر من الندب أو الوجوب أو غيرهما؟.
فعلى هذا مخالفة الأمر ليست عبارة عن مجرد عدم امتثاله، بل لو امتثل على وجه الوجوب وهو يقتضي الندب أو بالعكس كان ذلك مخالفة أيضًا.
لا يقال: ما ذكرتم لا ينافي ما ذكرنا وغير قادح فيه، وهو أن ترك المأمور