حمل وعليكم ما حملتم} تهديدًا، بل ليس فيه إلا الإخبار بأن الرسول صلي الله عليه وسلم ليس عليه إلا ما حمل من التبليغ، وبأن الأمة ما عليها إلا ما حملوا من القبول، وحينئذ لا يكون التولي مهددًا عليه، فلم تكن الآية دالة على الأمر للوجوب.
الجواب عن الأول: إن الأمة مجمعة على الاستدلال بهذه الآية وأمثالها نحو قوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} على أن امتثال أوامر الله ورسوله صلي الله عليه وسلم وأولى الأمر واجب، فلو لم يكن هذا الأمر للوجوب لكان إطباقهم على الاستدلال بها "على الوجوب" خطأ، وهو باطل.
وعن الثاني: أن حمل كلام الله تعالى على ما هو أكثر فائدة أولى وليس في الحمل على الخبر فائدة زائدة، فإن من المعلوم أن ليس على الرسول إلا ما حمل من التبليغ دون القبول، وليس على الأمة إلا ما حملوا من القبول دون التبليغ، أما لو حملناه على التهديد لكانت فيه فائدة زائدة مناسبة لصدر الآية فكان الحمل عليه أولى.
وثالثها: قوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
ووجه الاستدلال به: أن تارك ما أمر الله أو رسوله به مخالف لذلك الأمر، وهذا لأن مخالفة الأمر ضد موافقته، وموافقته: عبارة عن امتثاله