فإن قلت: لا نسلم أنه نسخ قبل دخول الوقت، وهذا لأنه لا يجوز أن يكون قد دخل وقت من أوقات تلك الصلوات المفروضة، فيما بين وقت الفرض وبين وقت الرجوع من موسى عليه السلام، والنبي عليه السلام صلى [بعد] ما دخل وقته، فلا يكون ذلك نسخا قبل دخول الوقت.
قلت: هب أنه لا يكون نسخا لتلك الصلاة قبل دخول وقتها، لكنه نسخ للصلوات التي لم تدخل أوقاتها، فيلزم وقوع النسخ فبل دخول الوقت وهو المطلوب، إذ الوقوع دليل الجواز وزيادة.
وفيه نظر: إذ الخصم ربما يجوز مثل هذا النسخ، إذ لم يشترط في ذلك أن يكون قد دخل وقت جميع العبادة المفروضة، بل ربما يكتفي بدخول وقت البعض منها، فإنه تعالى لو فرض صوم شهر مثلا، فإنه يجوز نسخه بعد صوم يوم منه أو يومين وفاقا.
وبه استدل بعض الأصحاب: وقال: لو قال: الله تعالى: واصلوا الفعل سنة، ثم ينسخه بعد مضي شهر / (٣٥٩/أ) منها مثلا وجاز وهو نسخ للفعل قبل دخول وقته فيما بقي من تمام السنة.
والأستاذ أبو إسحاق بالغ في ذلك، وقال: كل نسخ فإنه نسخ قبل الفعل، وإذ أجمعنا على أن النسخ لا ينعطف على [ما] مضى، فكل نسخ فإنما هو للفعل الآتي فيكون نسخا قبل الفعل.