الشَّافِعِيُّ) فَقَالَ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إحْصَانُهَا إسْلَامُهَا فَإِذَا زَنَتْ الْأَمَةُ الْمُسْلِمَةُ جُلِدَتْ خَمْسِينَ؛ لِأَنَّ الْعَذَابَ فِي الْجَلْدِ يَتَبَعَّضُ وَلَا يَتَبَعَّضُ فِي الرَّجْمِ. وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ وَذَلِكَ أَنَّ حُدُودَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ لَا تَخْتَلِفُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَا سُنَّةِ نَبِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَهُمَا مِثْلُ الْحُرَّيْنِ فِي أَنْ لَا يُقَامَ عَلَيْهِمَا الْحَدُّ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ كَمَا وَصَفْت فِي الْحُرَّيْنِ أَوْ بِاعْتِرَافٍ يَثْبُتَانِ عَلَيْهِ لَا يُخَالِفَانِ فِي هَذَا الْحُرَّيْنِ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي نَفْيِهِمَا فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ لَا يُنْفَيَانِ كَمَا لَا يُرْجَمَانِ وَلَوْ نُفِيَا نُفِيَا نِصْفَ سَنَةٍ وَهَذَا مِمَّا أَسْتَخِيرُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) قَوْلُ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ يَنْفِي الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ نِصْفَ سَنَةٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ): وَلِسَيِّدِ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ أَنْ يُقِيمَا عَلَيْهِمَا حَدَّ الزِّنَا فَإِذَا فَعَلَا لَمْ يَكُنْ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يُثَنِّيَ عَلَيْهِمَا الْحَدَّ وَلَا نَحْكُمُ بَيْنَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي الْحُدُودِ إلَّا أَنْ يَأْتُونَا رَاغِبِينَ فَإِنْ فَعَلُوا فَلَنَا الْخِيَارُ أَنْ نَحْكُمَ أَوْ نَدَعَ فَإِنْ حَكَمْنَا حَكَمْنَا بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ فَرَجَمْنَا الْحُرَّيْنِ الْمُحْصَنَيْنِ فِي الزِّنَا وَجَلَدْنَا الْبِكْرَيْنِ وَالْحُرَّيْنِ مِائَةً وَنَفَيْنَاهُمَا سَنَةً وَجَلَدْنَا الْعَبْدَ وَالْأَمَةَ فِي الزِّنَا خَمْسِينَ خَمْسِينَ مِثْلَ حُكْمِ الْإِسْلَامِ. .
مَا يُدْرَأُ فِيهِ الْحَدُّ فِي الزِّنَا وَمَا لَا يُدْرَأُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): إذَا اسْتَكْرَهَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أُقِيمَ الْحَدُّ وَلَمْ يَقُمْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُسْتَكْرَهَةٌ وَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا حُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً فَإِذَا كَانَتْ الْأَمَةُ نَقَصَتْ الْإِصَابَةُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا قُضِيَ عَلَيْهِ مَعَ الْمَهْرِ بِمَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ حُرَّةً فَجَرَحَهَا جُرْحًا لَهُ أَرْشٌ قُضِيَ عَلَيْهِ بِأَرْشِ الْجُرْحِ مَعَ الْمَهْرِ، الْمَهْرُ بِالْوَطْءِ وَالْأَرْشُ بِالْجِنَايَةِ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَتْ مِنْ وَطْئِهِ كَانَتْ عَلَيْهِ دِيَةُ الْحُرَّةِ وَقِيمَةُ الْأَمَةِ وَالْمَهْرُ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا أَخَذَ مَعَ امْرَأَةٍ فَجَاءَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ نَكَحَهَا وَقَالَ نَكَحْتهَا وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ لَهَا زَوْجًا أَوْ أَنَّهَا فِي عِدَّةٍ مِنْ زَوْجٍ أَوْ أَنَّهَا ذَاتُ مَحْرَمٍ وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ أُقِيمَ عَلَيْهِ حَدُّ الزَّانِي، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَتْ هِيَ ذَلِكَ فَإِنْ ادَّعَى الْجَهَالَةَ بِأَنَّ لَهَا زَوْجًا أَوْ أَنَّهَا فِي عِدَّةٍ أُحْلِفَ وَدُرِئَ عَنْهُ الْحَدُّ وَإِنْ قَالَتْ قَدْ عَلِمْت أَنِّي ذَاتُ زَوْجٍ وَلَا يَحِلُّ لِي النِّكَاحُ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ وَلَكِنْ إنْ قَالَتْ بَلَغَنِي مَوْتُ زَوْجِي وَاعْتَدَدْت ثُمَّ نَكَحَتْ دُرِئَ عَنْهَا الْحَدُّ وَفِي كُلِّ مَا دَرَأْنَا فِيهِ الْحَدَّ أُلْزِمُهُ الْمَهْرَ بِالْوَطْءِ. .
بَابُ الْمُرْتَدِّ الْكَبِيرِ
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ) قَالَ (أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} إلَى قَوْلِهِ {فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} وَقَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ {وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ} الْآيَةَ وَقَالَ تَعَالَى {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إيمَانٍ وَزِنًا بَعْدَ إحْصَانٍ وَقَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ): فَلَمْ يَجُزْ فِي قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا بِإِحْدَى ثَلَاثٍ»: إحْدَاهُنَّ الْكُفْرُ بَعْدَ الْإِيمَانِ إلَّا أَنْ تَكُونَ كَلِمَةُ الْكُفْرِ تُحِلُّ الدَّمَ كَمَا يُحِلُّهُ الزِّنَا بَعْدَ الْإِحْصَانِ أَوْ تَكُونَ كَلِمَةُ الْكُفْرِ تُحِلُّ الدَّمَ إلَّا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute