فَزَعَمْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ أَنَّهَا عَلَى الْأَزْوَاجِ عَامَّةً كَانُوا مَمَالِيكَ أَوْ أَحْرَارًا عِنْدَهُمْ مَمْلُوكَةٌ أَوْ حُرَّةٌ أَوْ ذِمِّيَّةٌ فَكَيْفَ زَعَمْتُمْ أَنَّ اللِّعَانَ عَلَى بَعْضِ الْأَزْوَاجِ دُونَ بَعْضٍ؟.
قَالُوا رَوَيْنَا فِي ذَلِكَ حَدِيثًا فَاتَّبَعْنَاهُ، قُلْنَا: وَمَا الْحَدِيثُ؟ قَالُوا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «أَرْبَعٌ لَا لِعَانَ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ أَزْوَاجِهِنَّ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ تَحْتَ الْمُسْلِمِ وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةُ عِنْدَ الْحُرِّ وَالنَّصْرَانِيَّةُ عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ» قُلْنَا لَهُ رَوَيْتُمْ هَذَا عَنْ رَجُلٍ مَجْهُولٍ وَرَجُلٍ غَلِطَ، وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مُنْقَطِعٌ، وَاَللَّذَانِ رَوَيَاهُ يَقُولُ أَحَدُهُمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْآخَرُ يَقِفُهُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَوْقُوفًا مَجْهُولًا فَهُوَ لَا يَثْبُتُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ وَلَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَلَا يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا رَجُلٌ غَلِطَ وَفِيهِ أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبٍ قَدْ رَوَى لَنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحْكَامًا تُوَافِقُ أَقَاوِيلَنَا وَتُخَالِفُ أَقَاوِيلَكُمْ يَرْوِيهَا عَنْهُ الثِّقَاتُ فَنُسْنِدُهَا إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَرَدَدْتُمُوهَا عَلَيْنَا وَرَدَدْتُمْ رِوَايَتَهُ وَنَسَبْتُمُوهُ إلَى الْغَلَطِ فَأَنْتُمْ مَحْجُوجُونَ إنْ كَانَ مِمَّنْ ثَبَتَ حَدِيثُهُ بِأَحَادِيثِهِ الَّتِي بِهَا وَافَقْنَاهَا وَخَالَفْتُمُوهَا فِي نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثِينَ حُكْمًا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَالَفْتُمْ أَكْثَرَهَا فَأَنْتُمْ غَيْرُ مُنْصِفِينَ إنْ احْتَجَجْتُمْ بِرِوَايَتِهِ وَهُوَ مِمَّنْ لَا نُثْبِتُ رِوَايَتَهُ ثُمَّ احْتَجَجْتُمْ مِنْهَا بِمَا لَوْ كَانَ ثَابِتًا عَنْهُ وَهُوَ مِمَّنْ يَثْبُتُ حَدِيثُهُ لَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ مُنْقَطِعٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَقُلْت لَهُمْ لَوْ كَانَ كَمَا أَرَدْتُمْ كُنْتُمْ مَحْجُوجِينَ بِهِ قَالَ وَكَيْفَ؟ قُلْت أَلَيْسَ ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْأَزْوَاجَ وَالزَّوْجَاتِ فِي اللِّعَانِ عَامًّا؟.
قَالَ بَلَى قُلْت ثُمَّ زَعَمْت أَنَّ حَدِيثًا جَاءَ أَخْرَجَ مِنْ الْجُمْلَةِ الْعَامَّةِ أَزْوَاجًا وَزَوْجَاتٍ مُسَمَّيْنَ؟ قَالَ نَعَمْ قُلْت أَوْ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُخْرِجَ مِنْ جُمْلَةِ الْقُرْآنِ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً بِالْحَدِيثِ إلَّا مَنْ أَخْرَجَ الْحَدِيثُ خَاصَّةً كَمَا ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْوُضُوءَ فَمَسَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى الْخُفَّيْنِ فَلَمْ يُخْرِجْ مِنْ الْوُضُوءِ إلَّا الْخُفَّيْنِ خَاصَّةً وَلَمْ يَجْعَلْ غَيْرَهُمَا مِنْ الْقُفَّازَيْنِ وَالْبُرْقُعِ وَالْعِمَامَةِ قِيَاسًا عَلَيْهِمَا؟ قَالَ هَكَذَا هُوَ قُلْت فَكَيْفَ قُلْت فِي حَدِيثِك أَلَيْسَ الْيَهُودِيَّةُ وَالنَّصْرَانِيَّةُ عِنْدَ الْمُسْلِمِ وَالنَّصْرَانِيَّة عِنْدَ النَّصْرَانِيِّ وَالْحُرَّةُ تَحْتَ الْعَبْدِ وَالْأَمَةُ تَحْتَ الْحُرِّ لَا يُلَاعِنُونَ؟ قَالَ هُوَ هَكَذَا قُلْت فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ تَقُولَا لَا لِعَانَ بَيْنَ هَؤُلَاءِ وَمَا كَانَ مِنْ زَوْجٍ سِوَاهُنَّ لَاعَنَ.
قَالَ وَمَا بَقِيَ بَعْدَهُنَّ؟ قُلْت الْحُرَّةُ تَحْتَ الْحُرِّ الْمَحْدُودَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الْقَذْفِ وَالْأَمَةُ تَحْتَ الْحُرِّ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْت أَنَّ هَذَيْنِ لَا يُلَاعِنَانِ؟ قَالَ فَإِنِّي قَدْ أَخَذْت طَرْحَ اللِّعَانِ عَمَّنْ طَرَحْته عَنْهُ مِنْ مَعْنَيَيْنِ أَحَدُهُمَا الْكِتَابُ وَالْآخَرُ السُّنَّةُ قُلْت أَوَعِنْدَك فِي السُّنَّةِ شَيْءٌ غَيْرَ مَا ذَكَرْت وَذَكَرْنَا مِنْ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْت عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ؟ قَالَ لَا قُلْت: فَقَدْ طَرَحْت اللِّعَانَ عَمَّنْ نَطَقَ الْقُرْآنُ بِهِ وَحَدِيثُ عَمْرٍو إنْ كَانَ ثَابِتًا أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَا قُلْت فَفِي قَوْلِهِ «أَرْبَعٌ لَا لِعَانَ بَيْنَهُنَّ» مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ مَنْ سِوَاهُنَّ مِنْ الْأَزْوَاجِ يُلَاعِنُ وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَزْوَاجَ يُلَاعِنُونَ لَا يَخُصُّ زَوْجًا دُونَ زَوْجٍ قَالَ فَمَنْ أَخْرَجْتُ مِنْ الْأَزْوَاجِ مِنْ اللِّعَانِ بِغَيْرِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ فَإِنَّمَا أَخْرَجْته اسْتِدْلَالًا بِالْقُرْآنِ قُلْت وَأَيْنَ مَا اسْتَدْلَلْت بِهِ مِنْ الْقُرْآنِ؟ قَالَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُلَاعِنَ مَنْ لَا شَهَادَةَ لَهُ لِأَنَّ شَرْطَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الشُّهُودِ الْعُدُولُ وَكَذَلِكَ لَمْ يُجِزْ الْمُسْلِمُونَ فِي الشَّهَادَةِ إلَّا الْعُدُولَ فَقُلْت لَهُ قَوْلُك هَذَا خَطَأٌ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ وَعَلَى لِسَانِك وَجَهْلٌ بِلِسَانِ الْعَرَبِ قَالَ فَمَا دَلَّ عَلَى مَا قُلْت؟ قُلْت الشَّهَادَةُ هَا هُنَا يَمِينٌ قَالَ وَمَا دَلَّك عَلَى ذَلِكَ؟ قُلْت أَرَأَيْت الْعَدْلَ أَيَشْهَدُ لِنَفْسِهِ؟ قَالَ لَا قُلْت وَلَوْ شَهِدَ أَلَيْسَ شَهَادَتُهُ مَرَّةً فِي أَمْرٍ وَاحِدٍ كَشَهَادَتِهِ أَرْبَعًا؟ قَالَ بَلَى قُلْت وَلَوْ شَهِدَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يَلْتَعِنَ؟ قَالَ بَلَى قُلْت وَلَوْ كَانَتْ شَهَادَتُهُ فِي اللِّعَانِ وَاللِّعَانُ شَهَادَةٌ حَتَّى تَكُونَ كُلُّ شَهَادَةٍ لَهُ تَقُومُ مَقَامَ شَاهِدٍ أَلَمْ يَكْفِ الْأَرْبَعُ دُونَ الْخَامِسَةِ وَتُحَدُّ امْرَأَتُهُ؟ قَالَ بَلَى قُلْت وَلَوْ كَانَ شَهَادَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute