وليس هو بمنزلة قوله: إن مت من مرضي هذا فأنت حر؛ لأنه لا يستحق العتق بموته على الإطلاق، ألا ترى أنه لو برأ من مرضه، ثم مات: لم يعتق، فلذلك فارق ما وصفنا.
ودليل آخر: وهو اتفاق الجميع على وقوع العتق بالموت، فلا يخلو من أن يكون عتقه على معنى العتق المعلق بالشرط، مثل دخول الدار ونحوه، أو عتقا مستحقا قبل الموت، يوجب له حقا في رقبته، يمنع من بيعه.
فلما وجدنا ذلك نافذا بعد الموت، ووجدناه لو قال لعبده: إن دخلت الدار فأنت حر، ثم مات، فدخل: لم يعتق: علمنا أن عتق المدبر مستحق قبل الموت، كعتق أم الولد، فمنع بيعه، وفارق العتق المعلق بشرط الدخول ونحوه، ألا ترى أنه قد نفذ مع زوال ملكه.
فإن قيل: إنما نفذ بعد الموت كما تنفذ الوصايا، وكما لو أوصى بعتق عبده بعد موته: نفذ.
قيل له: أما الوصايا، فإن صحة زوال الملك فيها لم يتعلق بالوصية؛ لأن الموت يوجب زوال الملك، كان هناك وصية أو لم يكن، ثم حينئذ يصرف ذلك الملك إلى الموصى له، فيكون أولى به من الوارث إذا خرج من الثلث، والموت لا يوجب عتقا غير مستحق قبله.
وأما الوصية بالعتق، فغنها تحتاج إلى استئناف عتق من الموصى له،