جزية الرؤوس، فلما لزمه الخراج: صار من أهل الذمة، إذ كان لزوم ذلك في الأصل من أحكام الذمة.
وأيضا: فقد جرى عليه حكم أهل الدار بوضع الخراج عليه، فصار من أهلها؛ لأن حكم الدار لا يتعلق إلا بأهلها، وإذا كان من أهلها صار ذميا.
وأيضا: فلا يجوز تسليم منافع هذه الأرضين إلى أهل الحرب، إذ لا حق لهم في دارنا، بدلالة أنهم لا يعطون من الغنيمة شيئا؛ لأنهم لو أخذوها، لكان فيه إبطال الغنيمة، وإخراج لها من أن تكون غنيمة، لعودها إلى ما كان عليه حاله قبل أن يغنمه.
وإذا ثبت أنهم لا يجوز لهم ثبوت الحق في دارنا، ثم سلمنا إليه منافع الأرض، وجب أن يكون في ذلك إلحاقه بحكم أهل الدار، وإذا صار من أهل الدار وهو كافر، لزمته الجزية، وصار ذميا.
ويجوز أن يرد حكم الخراج إلى حكم الجزية في إلزامه إياه به حكم الذمة، لأن الخراج والجزية جميعا مأخوذان من أهل الذمة بحصول حمايتنا لهم، فلما كان وضع الجزية عليه مكسبة حكم الذمة، كان كذلك حكم الخراج.
وأيضا: فليس في الأصول ثبوت الخراج على أرض كافر، مع خلو رقبته من الجزية، فلما امتنع وجود ذلك في الأصول، لم يصح إثباته، ووجب إلزام رقبته الجزية، كما ألزم أرضه الخراج.