فلما كانت إباحة الطلاق المبتدأ في المدخول بها مقرونة بذكر الرجعة في سائر ما ورد فيه ذلك، علمنا أن ذلك شرط الإباحة، وأنه غير جائز له إيقاع الثلاث ابتداء.
فإن قيل: إنما دلت هذه الآيات على ثبوت الرجعة فيما دون الثلاث، فما الدلالة على حظر ما يوجب البينونة من الطلاق ابتداء؟
قيل له: لأنا إنما استفدنا إباحة الطلاق من هذه الآيات، وإلا فالأصل الحظر في الطلاق؛ لأنه يتعلق به إيجاب التحريم.
وقد قال الله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}، وظاهره يقتضي حظر الطلاق، لما فيه من إيجاب التحريم، ثم أباح تحريمها بالطلاق من الوجوه التي ذكرنا، فما عداه فهو باق على حكم الحظر.
وهذه الآية يجوز الاحتجاج بعمومها في حظر الثلاث؛ لأن فيها تحريم ما أحل الله لنا.
فإن قيل: قوله تعالى: {لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم}: لفظ مقصور