للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وأغرب من هذا الزعم أن يؤيده "أويسترب" فى دائرة المعارف ويزيد عليه أن ميل الناس فى تلك العصور إلى التسجيع فى عناوين الكتب كان من البواعث أيضاً على هذه التسمية. وليس فى قولنا ألف ليلة وليلة تسجيع ولا مزاوجة. والغالب -فى رأيى- أن الليلة إنما زيدت فوق الألف لإفادة الكمال كطفحة الإناء وسقطة الميزان.

طريقة الكتاب وأسلوبه:

كانت طريقة العرب فى القصص أن يسردوا الأسمار والأحاديث على نمط يجعل كل حكاية قائمة بذاتها لا يربطها بما يسبقها ولا بما يلحقها علاقة. وترون ذلك واضحاً فى أمثال لقمان وكتب النوادر. فلما نقلت الأقاصيص الهندية إلى العربية فى القرن الثالث عن طريق الفارسية ادخلت فى أدبنا القصصى طريقة طريفة تجعل الحكايات سلسلة متماسكة الحلقات متعاقبة الخطوات متتابعة النسق، وذلك على ضربين: الأول أن تتعلق جميع الحكايات بحكاية أصلية تكون فاتحة لبدايتها وسبباً لروايتها ابتغاء التعويق عن فعل مالا يحل، وذلك فى العربية مذهب كتاب الوزراء السبعة، وكتاب كليلة ودمنة، وأغلب كتاب ألف ليلة وليلة، وهو فى الفارسية مذهب بختيار نامه، وقصة جهار درويش، وقصة نوروز شاه، وكتاب طوطى نامه، وأنوار سهيلى مثلا. والضرب الثانى أن تروى الحكايات موزعة فى الكتاب على عدة أبواب بحيث تكون الحكاية فى أى باب من هذه الأبواب مقدمة لحكاية الباب الذى يليه. ومن هذا الضرب فى أدبنا "كتاب سلوان المطاع فى عدوان الأتباع" لابن ظفر الصقلى المتوفى سنة ٥٦٥ هـ، وكتاب "فاكهة الخلفاء ومفاكهة الظرفاء" لأحمد ابن عربشاه الدمشقى المتوفى سنة ٨٥٤ هـ، وفى أدب الفرس كتاب "مرزبان نامه" لمرزبان بن رستم بن شروين، وقد ترجمه ابن عربشاه واستمد منه، ذلك فضلا عن الطريقة الفارسية التى احتذيناها فى الأقاصيص الغرامية المطولة، فألف ليلة وليلة يجرى على ثلاثة طرق:

يجرى على الطريقة الهندية فى الحكايات المتداخلة المتسلسلة كحكايات