جمادى الآخرة عام ١٨٤ هـ (٩ يولية ٨٠٠ م) وحذت إفريقية حذو المغرب والأندلس فى الانفصال عن الدولة العباسية، وسرعان ما تبعتهما مصر. وبدأ الأمير الجديد فى تشييد قصبه جديدة هى "العباسية" لتحل محل القيروان.
وبعد ذلك بعام استقبل إبراهيم سفراء شارلمان (٨٠١ م) الذين رجعوا من إفريقية محملين بعدد من التحف الأثرية. ومن المفروض أن هذا لم يكن الغرض الوحيد من الرحلة، إذ يغلب على الظن أن شارلمان كان يبحث عن حليف ضد الأمويين فى الأندلس. وقد أخمد إبراهيم عام ١٨٦ هـ (٨٠٢ م) فتنة حمديس الفيسى فى تونس وفى عام ١٨٩ هـ. (٨٠٥ م) شبت فتنة أخرى فى طرابلس، طرد السكان أثناءها الوالى الأغلبى سفيان بن المَضاء، وما كادت هذه الفتنة تسكن بالعفو العام سنة ١٩٤ هـ (٨٠٩ م) حتى شبت نيران فتنة أخطر منها فى إفريقية على رأسها عمران بن مجالد الربيع (عند الذهبى "مَخْلد" بدلا من مجالد. انظر فانيان Fagnan: الكامل لابن الأثير. ص ١٥٨، تعليق رقم ١، ص ١٧٣) وقريش بن التونسى. وحوصر إبراهيم سنة كاملة فى العباسية واشترى الخليفة الثوار بالمال فاعتكف عمران فى الزاب حيث عاش هناك فى هدوء حتى مات إبراهيم. وغدت طرابلس مسرحًا جديدًا لفتنة أخرى (١٩٦ هـ = ٨١١ م) نُهبت أثناءها على يد هوارة الخوارج، فانفذ الوالى ابنه عبد الله على رأس جيش. ونجح عبد الله أول الأمر فى محاربة الخوارج القادمين من تاهرت (تاقدمت) يقودهم إمامهم عبد الوهاب ابن عبد الرحمن بن رستم، وحاصر هؤلاء المدينة ولم يبدأ القتال إلا عند ورود الأخبار بوفاة إبراهيم بمدينة القيروان فى الحادى والعشرين من شوال عام ١٩٦ هـ (٥ يوليه ٨١٢ م). وكان عبد الله حريصًا على أن يخلف أباه إبراهيم فى الحكم، فتهادن مع