ومن الشعراء البارزين فى هذا القرن بشار بن برد (ت ١٦٨ هـ/ ٧٨٤ م) وهو من أصل فارسى وهو أول شاعر عظيم من أصول غير عربية، ويعزى حشد القصيدة العربية بالبديع (المحسنات اللفظية) لشاعر من الجيل التالى لبشار هو مسلم بن الوليد الذى اختلف فيه النقاد بين مادح مشيد وقادح متَّهِم، لكننا لا نجد هذا الخلاف حول شاعر عظيم آخر معاصر هو أبو نواس (توفى حوالى ١٩٨ هـ/ ٨٠٣ م) الذى لا نكاد نجد له نظيرا فى الأدب العربى خاصة فى خمرياته، إلا أن علماء اللغة لم يحفلوا بأشعار العصر العباسى الأول احتفاءهم بأشعار القرن الهجرى الأول والعصر الجاهلى، إذ اعتبروها أقل التزاما باللغة الصحيحة ولا يجوز الاستشهاد بها فى المضمار اللغوى، لذا لم يحفلوا بجمع هذه الأشعار فى دواوين.
أما فيما يتعلق بالنثر فقد شهد تطورا هائلا فقد كتب الكتاب أول المقالات، وكانت الكتابات الخارجة من البلاط الأموى أقرب إلى فن الخطب. ومن أشهر الكتاب فى القرن الثانى الهجرى عبد الحميد الكاتب المتوفى سنة ١٣٢ هـ (٧٥٠ م)، وقد بدأ النثر العربى فى هذه الفترة من خلال الترجمة لأدب البلاط البهلوى فى فارس وقد أثر ذلك فى النثر العربى سار ابن المقفع بعد ذلك على هذا المنوال (*).
ومما ساعد على تطور النثر ما قام به القصّاص فى هذه الفترة إذ كانوا يربطون جملة أحاديث معًا لتكون شبه القصة أو الحكاية، ومن الأعمال التى نحت هذا المنحى (سيرة النبى) لابن إسحاق (توفى ١٥١ هـ/ ٧٦٨ م). وظهور طائفة الإخباريين (رواة الأخبار) الذين راحوا يروون أخبار العرب فى أيامهم وفى عشقهم، وفى القرن الثانى للهجرة تعددت الاضطرابات وأسبابها وظهرت مذاهب دينية جديدة وامتدت الفتوح الإسلامية،
(*) يلاحظ أن المؤلف هنا يتناول القرن الثانى الهجرى كله بما فيه من فترة أموية وأخرى عباسية، وبالتالى فهو لا يسير وفقا للتقسيم التقليدى المتعارف عليه فى الكتابات التى تؤرخ للأدب العربى: عصر أموى، عصر عباسى أول، عصر عباسى ثان. [المترجم].