القصيدة بين ستين ومائة بيت لها الوزن نفسه، والقافية نفسها.
ويحيط الغموض بأصول الشعر العربى، فتراث فقه اللغة العربية (الذى يشكل غالبا مصدر المعلومات الوحيد فى هذا المجال) لا يقدم لنا معلومات تعود بجذورها إلى أبعد من شعراء القصائد (أو القصيد) مع أنه من الصعب أن نتصور أن هؤلاء الشعراء قد أنشأوا قصائدهم هكذا فجأة دون أن يكون قد سبقهم أسلاف مهدوا الطريق. لقد كان ظهور المدرسة الشعرية الجديدة معاصرا لمملكة كِنْدَة فى شمال شرق شبه الجزيرة العربية، وكان لمملكة كِنْدَه علاقات مع أمراء الحيرة وغسّان، مما يجعلنا نفترض إمكانية ورود تأثيرات من منطقة الهلال الخصيب، لكننا لا نمتلك أدلة تؤيد هذا الفرض.
وعلى أية حال فقد أثر شعراء القصيد بشكل مسيطر وواضح على الشعر العربى الذى أتى بعد ذلك.
والطابع الرئيسى الذى يميز هذه القصائد وترك أثره بعد ذلك هو التركيز أو التكثيف أو الإيجاز الشديد، إذ يتم حشد كل الإشارات والإيماءات والصيغ بشكل مركز لتوضيح الصورة فى أقل قَدْر من الكلمات. وكانت الصور البيانية من استعارة وكناية وتشبيه محصورة فى صور تقليدية قليلة مرتبطة بالحرب والطعام، وقد يقتضى سياق القصيدة إضافة مثل أو عبارة تجرى مجرى المثل. أما عن أقسام القصيدة فإن الجزء المتعلق بوصف الحيوان يتسم بالحيوية والواقعية، على العكس من الجزء المتعلق بالنسيب، إذ يشير هذا الجزء بإيجاز إلى موقع المعسكر الذى سبق أن أقام فيه الشاعر فى رحلة سابقة (وصف الأطلال) ونادرا ما يصف الشاعر المرأة التى تستدعيها ذاكرته، رغم أن الأبيات التى تتناول المرأة بالوصف الحسِّى قد يخصص لها أحيانا بعض الأبيات المنفصلة. والبيت الشعرى -وليس القصيدة ككل- هو المعيار الذى تقاس به مهارة الشاعر الشعرية. والشعر الجاهلى (شعر ما قبل الإسلام) أو على الأقل ما بقى منه ارتبط بعدد محدود من الأغواض themes تلاحمت مع القيم الخلقية والجمالية السائدة، لذا فقد كان