(مثل حنين بن إسحق) أو من اليهود، ولم يكونوا يتقنون نحو العربية إتقانا كاملا ومن هنا تجلت فى لغتهم ملامح هذه الفترة.
وأدى انحلال القوى العباسية وازدهار العسكرية التركية أثناء القرن الثالث الهجرى (التاسع الميلادى) إلى تدنى مستويات التعليم، فحتى لغة البلاط لم تعد تحتفظ بنقائها القديم بل طُعِّمت بأساليب السوقة وألفاظهم. وفى حوالى سنة ٣٠٠ هـ (٩١٢ م) اقتصر استخدام الفصحى على المجتمعات الراقية وفى مجالس القضاء ومجالس العلم، ومع هذا فقد كان الحديث بها -رغم مراعاته قواعد الإعراب- يتسم بالتكلف والتحذلق. وفى هذه الفترة نبغ فى الكتابة بالعربية عدد كبير من غير ذوى الأصول العربية كالخوارزمى وبديع الزمان وفى فقه اللغة أبو هلال العسكرى. وكان الأدب الرفيع فى حاجة إلى تفسير أو تعليق ليفهمه الناس، وقد حدث هذا بالفعل بالنسبة لأدب أبى العلاء المعرى والمتنبى. ومع نشوء الدولة المستقلة فعليا عن الدولة العباسية مع بقائها تابعة اسميا لها تأثر وضع العربية باعتبارها لغة الإسلام، ففى عهد الدولة السامانية -إحدى دويلات الشرق- جرى إحياء الآداب الفارسية بل حدث هذا فى عهد السلاجقة كذلك، وبعد أن اجتاح المغول العالم الإسلامى الآسيوى فى معظمه دخلت العربية المكتوبة مرحلة تاريخية جديدة فقد أصبحت مصر تحت حكم المماليك هى قطب الرحى لهذا العالم الإسلامى وأصبحت القلب النابض للثقافة الإسلامية والأدب العربى، وقد تأثرت العربية الفصيحة فى هذه الفترة باللهجات المحلية وجرى استخدام ألفاظ عامية، وهذا واضح فى كتابات ابن أبى أصيبعة (توفى ٦٦٨ هـ/ ١٢٧٠ م) وابن إياس (حوالى ٩٣٠ هـ/ ١٥٢٤ م) وابن طولون (حوالى ٩٥٥ هـ/ ١٥٤٨ م) بل ودخلت العربية ألفاظ تركية وتراكيب تركية كما هو واضح من كتابات الأمير بكتاش الفخرى.
وقد أثرت التغيرات الكبرى التى اتخذت سبيلها للعالم فى نهاية القرن التاسع الهجرى (الخامس عشر