العظام فى إقامة العمائر والمساجد والمدارس والجسور ومحطات القوافل البديعة. وصفوة القول أن دولة السلاجقة مرت بعصر مجيد لم يكن لآسية الصغرى به عهد منذ قرون طويلة. على أن هذا العصر لم يخل من المساوئ، فقد عاش الحكام عيشة بذخ وترف انتهت بضعفهم وتخنثهم حتى أثاروا عليهم سخط الطبقات الدنيا وحنق أهل الورع والتقوى، بل إن كيقاوس الأول وكيقباد الأول، على قدرتهما وعلو همتهما، لم يجدا بدا فى سبيل تحقيق مشروعاتهما العسكرية من الاستعانة بالمرتزقة من الأجانب واليونان والأرمن والعرب، وازداد الاعتماد على هؤلاء المرتزقة عندما اعتلى كيخسرو الثانى التافه الشأن عرش البلاد سنة ١٢٣٧، وكان الطوفان المغولى قد بلغ فى الوقت نفسه حدود آسية الصغرى؛ وسقطت أرزن الروم (أرضروم) ذلك الحصن الواقع على الحدود قبل أن يشرع المغول فى غزوتهم، ومنى الجيش التركى بعد ذلك بهزيمة ساحقة فى كوزاداغ (١٢٤٣)، ومن ثم بت فى مصير الدولة صحيح أن الصلح قد عقد ومنح السلطان مظهرا من مظاهر الاستقلال على أن يؤدى جزية كبيرة، إلا أن ثروة البلاد كانت تثير دائما جشع المغول فتدفعهم إلى غزوات جديدة كانوا يتذرعون فى سبيل القيام بها بوجود صراع بين أولاد كيخسرو على اعتلاء العرش، وانتهى الأمر بأن قسمت الدولة قسمين فى عهد هولاكو، فأصبح عز الدين يحكم الأراضى التى على جانب من نهر قزل إيرمق، فى حين أخذ ركن الدين يحكم الأراضى التى على الجانب الآخر للنهر. فلما عمد عز الدين إلى مفاوضة المماليك المصريين فى السر، وكانوا أعداء المغول الألداء، وضع المغول فى الحال حدا لحكمه وأكره على الالتجاء إلى بوزنطة، وانفرد ركن الدين بالحكم بعد ذلك، ولكن السلطان الفعلى كان فى يد معين الدين سليمان الذى تلقب بلقب يروانه بوصفه عاملا من عمال المغول؛ عندما أضحى ركن الدين مصدر تعب