للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

السنة الشمسية من جهة أخرى ليستا إلا صدفة، ومن الطبيعى أيضًا أن نتساءل: أليس تاريخ وفاة البدوى هذا مجرد استنتاج؟

ويجب أن نلاحظ أيضًا أن أعياد الربيع والخريف عند عرب الجاهلية هي فيما يرجح أساس تواريخ هذه الموالد. ولعل من المتعذر دحض هذا الفرض كما يقال من أن مولد الرجبى إنما سمى كذلك نسبة إلى رجل مجهول هو الشيخ رجب، وأن المولد الوسيط له أساس تاريخى سابق (على مبارك، ص ٥٠، س ٢٥ وما بعده). وبينما المولدان الأصغر والوسيط ليسا فى جوهرهما إلا سوقين كبيرين، فإن المولد الكبير - إذا تجاهلنْا أهميته التجارية- عبارة عن احتفال ديني سياسى بكل ما فى ذلك من معنى, تقدم فيه النذور وتقام الصلوات والدعوات والأذكار والحضرات وينتهى بركبة (أو ركوب) الخليفة فى جموع أتباعه للطواف فى أرجاء طنطا.

وأتباع البدوى منتشرون فى جميع أرجاء مصر ويعرفون بـ "الأحمدية" وشارتهم العمامة الحمراء. والبيومية والشناوية وأولاد نوح والشعيبية فروع للأحمدية.

ويعتبر أحمد البدوى منذ أمد طويل "قطبًا" هو وعبد القادر الجيلانى وأحمد الرفاعى وإبراهيم الدسوقى.

ولا يفوتنا أن نذكر من كبار محبيه عبد الوهاب الشعرانى المتوفى عام ٩٣٧ هـ (١٥٦٥ م) وهو من أسرة مغربية كأحمد البدوى ولكنها استوطنت مصر. وقد لقب الشعرانى نفسه: "الأحمدى" نسبة إلى أحمد البدوى (Vollers. فهرس مكتبة لييسك، رقم ٣٥٣)، وزار قبره أكثر من مرة، وأدخله فى عداد كبار الصوفية، واتصل به فى رؤاه. وفى إحدى هذه الرؤى وصف أحمد الشعرانى بأنه نور المتصوفة الذى لا يخبو، وأنه أخلص من يعتقد بعقده (Rev. Africaine جـ ١٤, سنة ١٨٧٠, ٢٩٩ م). ومن عجائب الحياة الدينية حقًا أن يتأثر رجل مثل الشعرانى بسحر البدوى مع أن البدوى دونه من الوجهتين العقلية والأدبية.