يحصى من الأشراف الذين تتفاوت قرابتهم من سلطان مراكش والذين يعيشون في تافيلالت وما جاورها من ربوع، ويستنكرون أشد الاستنكار بدع سلطانهم.
وفي الشمال الشرقي من مراكش أهم طائفة للدرقاوى، يترأس عليها خلفاء الحاج محمَّد الهبرى، مؤسس زاوية دروَة، بين بنى سنسن بالقرب من حدود الجزائر، وقد أصبح نشاطهم ملحوظا في كل ناحية منذ عام ١٨٩٠. والشيخ الهبرى مثال للدرويش المتعصب يكره غير المسلمين، ولا يعترف بسلطان لغير أشياخه في الدين. وقد وجد أتباعا كثيرين شمال غربى وهران، بل إن جهود نوابه -حتَّى قبل فتنة مرغريت- قد ظهرت آثارها في إقليم الجزائر للمقدم على زاوية أولاد الأكراد المنافسة لهم بالقرب من تيارت (وإن كانت تتبع نفس الطريقة) وقد بدا لقبائل البربر أن اتفاقيتى عام ١٩٠١ و ١٩٠٢ بين فرنسا ومراكش تتهددان استقلالها، فقلقت خواطرهم مرة أخرى (وشاهد ذلك فتن ركوى بوعمارة وبوعمامة وغيرهما) واشتدت ثورة الدرقاوى باحتلال بركوانت عام ١٩٠٤، وإنشاء سوق وجدة عام ١٩٠٦. وكان واحد من مقدمى الهبرية، ونعنى به شيخ زاوية زكزل، هو الذي أشعل فتنة بنى سنسن على الفرنسيين عام ١٩٠٧، فأدى ذلك بهؤلاء إلى احتلال أراضي أولئك الجبليين احتلالا تامًا.
وكذلك أدى مشروع التجنيد بين أهل الجزائر إلى إثارة حفيظة الدرقاوى على السلطات الجزائرية، وقد عجز مقدم من الهبرية في تلمسان، اسمه الحاج محمَّد بن إلسَّ، أن يحرض أبناء قبيلته على الجهر بالثورة وأخذ يدعو إخوانه إلى الخروج إلى أرض المسلمين، وبخاصة تركيا، ونجح في خلق حركة خاصة تسير في هذا الاتجاه. وهاجر مئات من أسر تلمسان وما جاورها إلى طرابلس أو إلى بلاد الشَّام، بين عام ١٩٠٩ وصيف ١٩١١. بيد أن الحرب بين إيطاليا وتركيا وقفت في وجه هذه الحركة بعض الشيء، ثم إن المقدم ابن إلسَّ وجد الخطر يتهدده فعمد إلى