قائمًا في العالم الإسلامى. والحق أن زخرفة القصور والصروح الفخمة أخذت زمنًا طويلا تلتمس ذخيرة كاملة من موضوعات حيوانية تتراوح في جمودها على شكل معين، استمدتها من الشرق الساسانى أو من العصر اليونانى المتأخر في المشرق، وارتبطت هذه الذخيرة بعد بحياة الترف والمسرات التي كان يعيشها الحكام الجدد الذين تسلموا الملكية.
وتفسر هذه الأسباب نفسها تواتر هذه الموضوعات على قطع الأثاث المرتبطة بالحياة اليومية الرتيبة للأمراء وهل كانت المصنوعات الخزفية أو المعدنية، بل المنسوجات الثمينة، تتسم كلها على السواء بالحاجة إلى تأكيد مجد الرعاة الذين أمروا بصنعها وسعادتهم وطالعهم المشرق. ولهذا السبب ظهر إيثار خاص لتصوير تلك الحيوانات التي استفيد بها زمنًا طويلًا رموزًا للسلطان الملكى (الأسد والطير الجارح، الخ)، ذلك أنها يمكن أن تثير ذكرى الأيام الخالية للسلطان (مشاهد الصيد) أو أنها يمكن أن تتصف ببعض الخواص الكريمة لأصل طلسمى وتنجيمى (صور البروج). وأمدت هذه الصور الصناع المهرة بالعناصر الجوهرية للزخارف الخطية (مصورة، أو محفورة أو مرسومة على سطح مستو) التي تجمع، بصفة عامة، بين الأشكال النباتية والهندسية موشجة بشرائط منمقة بخيوط لحيوانات من ذوات الأربع أو الطيور، وكذلك أوسمة مزخرفة بأشكال تتكرر بدقة تامة أو يقابل أحدها الآخر أحيانًا في تناسق. وهي أيضًا تبرز موضوع أعمال النحت النادرة بالنقش البارز، التي تحاكى الصور الظلية لحيوانات معروفة، وبخاصة الجرار والمباخر.
وتظل النماذج من هذا النوع نادرة بعض الشئ إبان القرون الأولى للإسلام، ولا نستطيع أن نذكر من هذا العصر إلا أعمال البرونز المتأثرة بالتقليد الساسانى، مثل المجموعة التي ينتمى إليها ما يسمى بإبريق مروان الثاني. ولكن عددها ازداد زيادة مطردة بنمو الحضارة العباسية، وتقبلها المتزايد لعادات أجنبية، وبعضها مشوب