استعادوها قائمة طوال عهد ابنه فارس عزيز (٧٩٦ - ٨٣٧ هـ = ١٣٩٣ - ١٤٣٤ م) الذي حافظ على توازن القوى في المغرب، واستطاع بذلك أن يتدخل في شئون تلمسان فظاهر أولا أبا عبد الله المطالب بالعرش على السلطان عبد الملك ثم انقلب إلى تعضيد عبد الملك نفسه، واستولى على السلطان بعد وفاة هذا الملك ووضع على عرشها أميرًا من بنى زيان اعترف بسيادة تونس (١٤٣١ م). وقد أحيا أبو العباس سنن أجداده في العناية بالأدب والفنون. ويذكر القيروانى بيانًا طويلًا بشتى المبانى التي أقيمت برعايته كالمساجد والزوايا والمدارس والمكتبات والمستشفيات. وقد كان خلفاؤه أبو عمر عثمان (٨٣٤ - ٨٩٣ هـ = ١٤٣٤ - ١٤٨٨ م) وأبو زكريا يحيا (٨٩٣ - ٨٩٩ هـ = ١٤٨٨ - ١٤٩٤ م) وأبو عبد الله محمد (٨٩٩ - ٩٣٢ هـ = ١٤٩٤ - ١٥٢٦ م) حماة للأدب والفن، ولكن كانت تعوزهم القوة مما أدى إلى انحلال سلطان الحفصيين من جديد فما حلت نهاية القرن الخامس عشر حتى كانت قسنطينة وبجاية وبونة قد استعادت استقلالها، وجعلت طرابلس وقابس ومدن الجريد من نفسها جمهوريات. ولم تخلص قبائل العرب في الداخل لسلاطين تونس.
وكانت سياسة الحكام الحفصيين نحو المسيحيين في هذه الفترة كسياسة أسلافهم، إذ جددت في القرن الرابع عشر المعاهدات التجارية التي عقدت في القرن الثالث عشر مع جنوه وبيزه، وأبرمت معاهدات جديدة مع أراغون وميورقة ومنتبلييه والبندقية وفلورنسة. وقد كان في تونس وبونة وبجاية وصفاقس وجربة فنادق يخزن فيها التجار المسيحيون بضائعهم. على أنه كان من الصعب الإبقاء على هذه الصداقة نظرًا لما قام به المسيحيون من الأعمال العدائية باحتلالهم جربة وهجومهم على المهدية .. وغير ذلك، واشتداد القرصنة على الساحل الإفريقى منذ أواخر القرن الرابع عشر، وقد كانت موانى مملكة الحفصيين ملجأ هؤلاء القرصان مما جعلها معرضة لغزوات الأسبانيين الذين فكروا في تثبيت أقدامهم في النقط الهامة على