واستولى على تلمسان سنة ٦٣٩ هـ (١٢٤٢ م) وأجبر يغمراسن على دفع الجزية له، ودان المرينيون وأهل مكناسة أيضًا بالولاء لأمير تونس فامتد ملكه من طرابلس إلى سبتة وطنجة، ومن البحر المتوسط إلى الزاب وسجلماسة، وهدد النصارى مدن بلنسية ومرسية وإشبيلية وشريش وجزيرة طريف فاستنجد أهل هذه المدن به ودانوا لحكمه ثم مات في مدينة بونة سنة ٦٤٧ هـ (١٢٤٩ م) وكان بحق أقوى حاكم في إفريقية المسلمة.
ولم يكن عصر ابنه وخليفته أبي عبد الله المستنصر بالله (٦٤٧ - ٦٧٥ = ١٢٤٩ - ١٢٧٧ م) أقل من عصر أبيه ازدهارًا، فما كاد يخرج ظافرًا من تلك الفتنة التي أثارها عليه بن عمه اللحيانى بواسطة عرب رياح والدواودة وغيرهم حتى اتجه إلى التميكن للحفصين في المغرب الأوسط فنجح في ذلك كما نجح أيضًا في القضاء على الحملة التي وجهها على تونس القديس لويس وشارل صاحب أنجو، وذاعت شهرته في الآفاق واجتمع في بلاطه رسل المرينيين وسفراء ملك كانم وأمراء المسيحيين الذين لجأوا إليه وساهموا مع زعماء المسلمين في الحملات التي وجهوها على بلاد المغرب. ولم يقنع المستنصر بلقب الأمير الذي قنع به أبو زكريا فلقب نفسه (بالخليفة وأمير المؤمنين) ونجح في الحصول على وثيقة من شريف أشراف مكة تجعله وريثًا للخلفاء العباسيين بعد أن قضى التتار على ملك هؤلاء واستولوا على بغداد.
ولقد حقق قيام إمبراطورية الحفصيين لإفريقية تقدمًا عظيما فجعل تونس لا مقر الحكم فحسب بل المركز السياسى والثقافى للقطر بأسره أيضًا (انظر مادة تونس) وشيد الحاكمان الأولان لهذه الأسرة أبنية عدة (قصورًا ومساجد وزوايا ومكتبات وقناطر معلقة) واجتذبا إلى البلاد الشعراء والعلماء من جميع بقاع العالم الإسلامى لا سيما الأندلس، وكانت العلاقات الودية بينهما وبين المسيحيين حافزًا على رواج التجارة بين أوربا وإفريقية، فعقدت معاهدات مع فردريك