(٢) هذا صحيح. وهو مما يأسف له المسلمون كل الأسف، وهو من أعظم أسباب ضعف المسلمين من عصور مديدة، فإن الأصل في خطبة الجمعة أن يخطبها الإمام الأعظم، وهو الخليفة، بنفسه في المصر الأكبر (العاصمة) ويخطبها نوابه الحكام في الأمصار والعواصم وكبار القرى، يجتمع الناس لها في البلد الواحد في مكان واحد، لا يتخلف منهم إلا مريض أو معذور أو متهم في دينه خارج عن قومه، في كل أسبوع مرة. فيخطبهم الإمام الأكبر، ويخطب نوابه في الأمصار والقرى، يعظون الناس ويجمعون قلوبهم على الإيمان والتقوى ومكارم الأخلاق، ويتحدثون إليهم فيما ينوبهم من الأحداث السياسية أو الاجتماعية أو الخلقية أو نحو ذلك. ومن ذلك روح الأمة واتجاهاتها، ويرشدونهم إلى طرق الهدى = = وسديد الرأى، مع المساواة التامة بين الصغير والكبير، والغنى والفقير، فتشعر الأمة بوحدتها وقوتها. حتى إذا ما ولى أمر المسلمين مستبدون أنابوا غيرهم في الخطبة والصلاة، ووضعوا نظام الطبقات الذي جاء الإسلام بهدمه، وولوا ولاة جهالا بدينهم. ولا صلاح للمسلمين إلا أن تعود هذه الفريضة، فيكون أمراؤهم وحكامهم علماء بدينهم، كما يقومون بإقامة ميزان العدل، ويشعر الضعيف قبل الثوى أن حاكمه مثله، لاسلطان عليه إلا في حدود الشرع والعدل. وتكون الأمة كلها واحدة متحدة. أمة أعزة ليس من بينها ذليل. وفي ذلك الفلاح والظفر، إن شاء الله. أحمد محمد شاكر