للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

والمدرسة الإسلامية البلخية في التصنيف الجغرافي بخاصة لم تظهر في بلاط العباسيين وكانت تربطها بهذا البلاط وشاثج مأثورة، ولكنها نشأت في المركز الثقافى الجديد الذي تغلب عليه النزعة الفارسية، وهو المركز الذي تجمَّع حول بلاط السامانيين في خراسان. ولا شك أن اهتمام الجيهانى بالجغرافيا كان له أثر بالغ في للك الحركة وان كان كتابه بمثابة تكملة للتقليد الجغرافي القديم. على أن الذين ساروا على نهج مدرسة البلخى لم يكونوا من الخراسانيين، فالإصطخرى كان من أهل فارس وابن حوقل من أهل نصيبين، بل أن نص النسخة الأخيرة من كتاب الجيهانى كان مشايعًا للفاطميين، بينما كان في كتاب الإصطخري والنسخة المتقدمة من كتاب ابن حوقل ما ينبئ عن ميل شديد نحو السامانيين. والمقدسى المتوفى عام ١٠٠٠ هو آخر الجغرافيين العظام الذين ساروا على نهج مدرسة البلخى. وقد عده سيرنكر Sprenger .A أعظم الجغرافيين في كل العصور، وهو من أهل بيت المقدس. ولدينا نسختان من كتابه "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" إحداهما تميل إلى السامانيين والأخرى تميل إلى الفاطميين. وقد تحرر المقدسي من الطريقة التي اتبعت في أطلس الإسلام، فالمصورات التي في مخطوطاته فيها السمات البدائية التي عرفت بها مصورات الإصطخري الأولى. ويختلف تقسيمه للعالم إلى أقاليم عن التقسيم الوارد في أطلس الإسلام. وهو يتناول مرة أخرى دراسة الجغرافية الفلكية، غير أنه قصر في ذلك تقصيرًا كبيرًا. ويمكن القول بأن هذا المؤلف هو آخر أتباع المدرسة الجغرافية الإسلامية الخالصة، وقد خلفت آثارا في كثير من كتب الجغرافيا التي ظهرت في القرون المتأخرة، إلا أن مؤلفات أصحابها تركت من ذلك الوقت للنساخ خاصة، وكانوا يتفاوتون في العناية بما ينقلونه، ولم يبق في الكتب الجغرافية من مصورات هذه المدرسة إلا مصور العالم، إذ نتبينه بوضوح في مصورى العالم الواردين في كتابى القزوينى وابن الوردى، وأقل من ذلك وضوحًا في مصورات العالم المستديرة الواردة في كتاب الإدريسي. وهذا