الداخلة في الحياة العقلية أو الدينية، ويقتضينا الأمر أن ننوه بأن يهود بلاد الجزائر يكتبون عربيتهم اليهودية بخط يهودى خاص يشبه الكتابة اليدوية، ويكتبونها بالحروف العربية. ولكن أخذهم السريع بالأساليب الأوربية الذي حفز إليه تفكك الجماعات وانهيار التقسيم إلى أحياء، يؤدى بهم الآن إلى الاستعاضة بالفرنسية عن اللهجة المأثورة بين الأجيال الأصغر من غيرها وإحلال الحروف اللاتينية محل الخط العبرى العادى.
اللهجات الإسلامية: والأقوام الحضرية المسلمة تمثل من ثم تنوعا بشريا ولغويا كبيرًا. فبعضهم قد احتفظ باستعمال عربية الطبقة الأولى كما نجد ذلك في تلمسان وندرومة وشرشال ودليس وجيجل وكلو. على أننا لا نتبين تلك العربية بتنس ومليانة ومدية وبليدة وبجاية وميلة، وفيلييفيل وقسنطينة إلا بين أهل الجيل القديم، والظاهر أنه قد كتب عليها الاندثار المبكر إن لم تكن قد درست فعلا. وتحمل المدن القديمة في جميع الأرجاء أمارات المؤثرات الخارجية التي تعرضت لها في غضون الأجيال والتي ماتزال تخضع لها حتى الآن. ونعنى بها السكان الريفيين والبدو. فقد امتلأ وفاض سكان بعض المدن بمؤثرات المناطق الريفية التي تحيط بهم، كما هو الشأن بالنسبة لندرومة وجيجل وكلو حيث تجنح اللهجة التي يتحدثون بها في هذه المدن إلى التطابق مع لهجة القرويين المحيطين بها. ونجد في حالات أخرى أن الحضريين قد استعاروا لسان البدو المحيطين بهم في مجموعهم أولسان مجموعات من البدو قد استقرت. مثال ذلك ما نجده في تلمسان وتنس وبليدة ومليانة ومدية وميلة وفيليبفيل وقسنطينة. صحيح أن لغة هذه القواعد القديمة ظلت في مجموعها لغة حضرية، إلا أن ثمة لغات أخرى تسيطو عليها لهجة بدوية سيطرة تكاد تكون كاملة. مثال ذلك ما نجده في وهران ومستغانم والمعسكر، ومزونة وبونة (وكذلك في الشرق الأقصى للمغرب، في طرابلس وبنغازى). أما حال مدينة الجزائر