بالاحتفاظ بنظامه البلدى وعاداته. ومنذ ذاك لم تعكر صفو السَّلام في بلاد الجزائر آية فتنة عامة. وكانت فتنة عام ١٨٧١ نتيجة لهزيمة فرنسا على يد ألمانيا وانقاص قوات الحاميات وسخط أسرة مقْرانى الكبيرة. وثارت مجانة، وبلاد القبائل الكبرى والصغرى، والنصف الجنوبي من إقليم قسنطينة. وذبح الثائرون المستعمرين وهددوا متيجة. وأعاد أمير البحر ده كويدون de Gueydon - الذي عين حاكمًا عامًا للجزائر- الأمن إلى نصابه، فقد فرضت غرامات فادحة على الثائرين وصودر مليون فدان ونيف وأفردت لاستعمارها. وحدث مرَّة أخرى سنة ١٨٨١ أن قامت فتنة خطيرة بعض الشيء في جنوبي إقليم وهران بزعامة بوعَمَامة، وقد أدت هذه الفتنة إلى إقامة سلسلة من المراكز الدائمة على الحافة الجنوبية للهضاب. وقامت ثورة في منطقتى سطيف وقالمة سنة ١٩٤٥ أن إلى قتل قرابة مائة أوربى، ولكنها لم تدم طويلًا وأخمدت في عنف وشدة.
وقد مرَّ استعمار بلاد الجزائر منذ عهد بوكو بعدة مراحل تتميز باتباع طرائق متباينة كل التباين كانت الجمهورية الثَّانية تتبنى سياسة إدماج السكان واستعمار الفرنسيين، ووضعت المنطقة المدنية للأقاليم الثلاثة تحت إمرة مديرين مسؤولين عن إدارة المستعمرين. أما البقية فقد وضعت في يد السلطة العسكرية تحت إشراف الحاكم العام الذي هو الرئيس الأعلى "للمكاتب العربية". وكان يحكم السكان الوطنيين رؤساء مسلمون تقيمهم وتشرف عليهم الإدارة العسكرية، وظل هذا التنظيم حتَّى عهد الإمبراطورية الثَّانية. وفي عهد حكم راندون لبلاد الجزائر زاد الاستعمار الأوربى وأقيم الإطار الاقتصادى للبلاد؛ ونظر إلى الجزائر على اعتبار أنها مصدر للمواد الغذائية المدارية، على أن المحصول الذي فاق فيما يدره جميع المحصولات هو الغلال، وهو محصول المستعمرين حتَّى سنة ١٨٨١ تقريبًا. وقامت أزمة اقتصادية وأخذت مطالب المستعمرين تزداد، وكان يعوق هذه المطالب النطاق المحدود للأرض التي منحت لهم فأرادوا أن يحصلوا على أراض تتيسر لهم بإنشاء مقاطعات، وأدى ذلك بالحكومة