يخاف من شيء ولا يحزن من شيء، لأن مقام الولاية والمعرفة منعه من أن يخاف أو يحزن، فالولى عندهم هو الواصل إلى مرتبة العرفان عن الطريق الموصلة إلى تلك المرتبة في رأيهم، وهو العارف أيضًا.
والواصل إلى درجة العرفان تنكشف له الحجب ويشهد من علم الله ما لا يشهده سواه، وتظهر على يديه الكرامة التي هي أمر خارق للعادة.
٢ - وجملة القول في كرامة الأولياء أن أكثر الأشعرية أجازوا للصالحين على سبيل كرامة الله لهم اختراع الأجسام وقلب الأعيان وجميع إحالة الطبائع وكل معجز للأنبياء، وقالوا إنه لا فرق بين آيات الأنبياء وكرامات الأولياء إلا بالتحدى مع دعوة النبوة، فإن النبي يتحدى الناس أن يأتوا بمثل ما جاء هو به.
ويقول أكثر الصوفية: إن ظهور الكرامات جائز بل واقع، وهي أمور ناقضة للعادة، غير مقترنة بدعوى للنبوة، وهي عون للولى على طاعته ومقوية ليقينه، وحاصلة له على حسن استقامته ودالة على صدق دعواه الولاية، إن دعاها لحاجة وشهدت له بها الشريعة.
ويقول هؤلاء الصوفية: إن الكرامة تغاير المعجزة من وجوه ثلاثة:
أولها - أن الأنبياء متعبدون بإظهار معجزاتهم للخلق، والاحتجاج بها على من يدعونه إلى الله تعالى، فمتى كتموا ذلك فقد خالفوا الله تعالى، والأولياء متعبدون بكتمان كراهماتهم عند الخلق، فإذا لم ظهروا شيئًا منها لاتخاذ الجاه فقد خالفوا الله تعالى وعصوه.
ثانيًا- أن الأنبياء يحتجون بمعجزاتهم على المشركين, لأن قلوبهم قاسية، والأولياء يحتجون بذلك على نفوسهم حتى تطمئن وتوقن ولا تضطرب ولا تجزع عند فوت الرزق، لأن النفس لم أمارة بالسوء مجبولة على الشك، وقد حكى عن سهل بن عبد الله التسترى أنه قال: كان رجل بالبصرة يقال له سحاق بن أحمد، وكان من أبناء الدنيا فخرج من الدنيا، أعنى من