معنى قولهم صوفى، فقال: ليس نعرفه في شرط العلم ولكن نعرف أن [الصوفى] من كان فقيرًا مجردًا من الأسباب وكان مع الله بلا مكان ولا يمنعه الحق سبحانه عن علم كل مكان (١).
فالتصوف نشأ معبرًا عن المثل الدينى الأعلى، وظل في أدواره كلها يعبر عن ذلك المثل مخالفا ما عليه العامة، مخالفًا القراء والفقهاء وأهل السنة المتكلمين والمتفلسفين متعرضًا لعداواتهم واضطهاداتهم من غير أن تخرجه العداوات والاضطهادات عن حدود الحب والتسامح.
فالتصوف كان وحده من بين معترك المذاهب تسامحًا صرفًا وسلامًا في كل ما مر به من الأدوار.
والصوفى -كما قال أبو تراب النخشبى- لا يكدره شيء ويصفو به كل شيء.
وقد انتدب للرد على المتأخرين من الصوفية في ما أشرنا إليه من مقالاتهم كثير من الفقهاء وغيرهم، واشتدوا في النقد حتى شملوا بالنكير كل ما وقع للمتصوفة في طريقهم، وأكثر ما تناوله الأخذ والرد بين الباحثين هو موضوع الكرامات للأولياء.
فحق أن نعرض للولاية وصلتها بالتصوف، ثم نتكم في كرامات الأولياء، ولابد أن نصرح قبل ذلك بأننا أهملنا عن عمد بعض ما انتهى إليه التصوف في عهوده المتأخرة. وهو الدور الذي لانزال نشهده والذي جعل من طريقة الإخلاص والزهد والعرفان والخير عكس ذلك.
ج- الولاية وصلتها بالتصرف وكرامات الأولياء.
١ - اسم ولى مأخوذ من قوله تعالى: {اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا}.
وقوله: {وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}.
وقوله: {أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}.
وقوله: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ}.
(١) قال ابن خفيف المتوفى سنة ٣٧١ هـ (٩٨٢ م) , سألت رويم بن محمد عن التصوف فقال: يا بنى التصوف افناء الناسوتية وظهور اللاهوتية فقلت زدنى رحمك الله فقال لارحمنى الله أن كان في ذلك مزيد.