هنالك تطور معنى التصوف إلى ما يناسب الكمال في الدين الذي وضع له اللفظ أولًا وأدى هذا الطموح إلى نشأة علم دينى إلى جانب العلم الفقهى.
وفي مختصر جامع بيان العلم وفضله لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمرى القرطبي المتوفى سنة ٤٦٣ هـ:
"وقال سفيان: كتب ابن منبه إلى مكحول إنك امرؤ قد أصبت فيما ظهر من علم الإسلام شرفًا، فاطلب بما بطن من علم الإسلام عند الله محبة وزلفى، وأعلم أن إحدى المحبتين سوف يمنع منك الأخرى".
وقد ذكر بن تيمية في رسالته "الصوفية والفقراء": "إن الأمور الصوفية التي فيها زيادة في العبادة والأحوال خرجت من البصرة، فافترق الناس في أمر هؤلاء الذين زادوا في أحوال الزهد والورع والعبادة على ما عرف من حال الصحابة، فقوم يذمونهم وينتقصونهم وقوم يجعلون هذا الطريق من أكمل الطرق وأعلاها، والتحقيق أنهم في هذه العبادات والأحوال مجتهدون كما كان جيرانهم من أهل الكوفة مجتهدين في مسائل القضاء والإمارة ونحو ذلك". وزاد ابن تيمية هذا الرأى بيانًا فقال:
"وإذن عرف أن منشأ التصوف كان من البصرة، وأنه كان فيها من يسلك من طريق العبادة والزهد ماله فيه اجتهاد كما كان في الكوفة من يسلك من طريق الفقه والعلم ماله فيه اجتهاد، وهؤلاء نسبوا إلى اللبسة الظاهرة وهي لباس الصوف فقيل في أحدهم صوفى، وليس طريقهم مقيدًا بلباس الصوف ولا هم أوجبوا ذلك ولا علقوا الأمر به، لكن أضيفوا إليه لكونه ظاهر الحال".
وكلام ابن تيمية يشير إلى ما بين التصوف والفقه من الصلة.
وانقسم علم الشريعة إلى قسمين: علم يدل ويدعو إلى الأعمال الظاهرة التي تجرى على الجوارح والأعضاء الجسمية وهي العبادات كالطهارة والصلاة والزكاة والصوم إلى آخره، وأحكام المعاملات كالحدود والزواج والطلاق، والعتق والبيوع والفرائض